Loader
منذ سنتين

هل من أسباب حفظ القرآن وتدبره الترتيل والتجويد؟


الفتوى رقم (10908) من المرسل السابق، يقول: هل من أسباب حفظ القرآن وتدبره الترتيل والتجويد؟ وإذا لم توجد صفة التجويد والترتيل هل يُبعد التدبر؟

الجواب:

        القرآن كلام الله. والله -سبحانه وتعالى- قيّض لهذا القرآن من يخدمه من جميع النواحي؛ سواء كانت الخدمة من ناحية لفظه، أو كانت الخدمة من ناحية معناه. والذي يطَّلع على هذه الخدمة من ناحية اللفظ يجد ما يتعلق برسم القرآن، ويجد ما يتعلق بعلم القراءات وما إلى ذلك.

        وبالنسبة لمعناه جهود العلماء المتقدّمين الذين عُنوا بالقرآن، فمنهم من اعتنى به من جهة البلاغة، ومنهم من اعتنى به من جهة النحو، ومنهم من اعتنى به من جهة المفردات والتصريف والاشتقاق، ومنهم من اعتنى به من جهة بيان القرآن بالقرآن متصلاً أو منفصلاً، ومنهم من اعتنى به من جهة بيان أحكامه، ومنهم من اعتنى به من جهة مشكله اللفظي أو مشكله المعنوي، ومنهم من اعتنى به من جهة أسباب النزول، ومنهم من اعتنى به من جهة الناسخ والمنسوخ، ومنهم من اعتنى به من جهة استخراج العقائد منه، ومنهم من اعتنى به من جهة الفقه؛ إلى غير ذلك من وجوه العناية في القرآن.

        وبناء على ذلك كله فإن الشخص عندما يريد أن يحفظ القرآن فلا بد أن يحدد الآيات التي تشتمل على موضوع واحد، ثم يعرف ما تشتمل عليه من مفردات وتصريف هذه المفردات واشتقاقها، ثم بعد ذلك ينظر إلى هذه الآيات من ناحية سبب النزول، ثم ينظر إليها من جهة الإحكام والنسخ، ثم ينظر إليها من جهة المشكل اللفظي، ثم ينظر إليها من جهة المشكل المعنوي، ثم يعرف بعد ذلك معاني هذه الآيات على حسب علامات الوقف، ثم بعد ذلك يعرف المعنى العام لهذه الآيات، ثم بعد ذلك ينظر إلى ما اشتملت عليه هذه الآيات من الأحكام.

        وبعد جميع هذه المراحل تأتي مسألة الحفظ فيردد الآيات التي يريد حفظها، يرددها على حسب قوة حفظه؛ لأن بعض الناس قد يردد الشيء مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً، وبعضهم قد يرددها خمسين مرة ستين مرة، فكل شخص أعلم بنفسه ويسير على هذه الطريقة حتى يختم القرآن.

        وبهذه الطريقة يكون قد فهم القرآن قبل أن يحفظه؛ لأن كثيراً من الناس يحفظون القرآن ولكنهم لا يفهمون معناه، وهذه طريقة فيها اقتصار على ضبط اللفظ، وهذا فيه جانب تعبدي لكن كون إن الإنسان يفهم معاني الآيات هذا يكون أصلح. وبالله التوفيق.