Loader
منذ 3 سنوات

سبب اختلاف ترتيب القرآن عن ترتيب نزوله


  • التفسير
  • 2021-09-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1344) من المرسل السابق، يقول: لماذا بُيّن القرآن الكريم من قبل الكتّاب بغير التسلسل في (التنزيل) ؟

الجواب:

        هذه المسألة -أي ترتيب القرآن- تشتمل على أمرين:

        أما الأمر الأول: فهو ترتيب الآيات داخل كلّ سورةٍ من السور، وقد أجمع العلماء على أن هذا ترتيب توقيفيٌ؛ بمعنى: إن الله سبحانه وتعالى يأمر جبريل بوضعها في موضعها من السورة، وجبريل u يبلغ الرسول ﷺ ببيان موضع الآية، وتوضع في أي مكانٍ من السورة، والرسول ﷺ يأمر كتبة الوحي بذلك.

        وقد اعتنى العلماء الذين كتبوا في علوم القرآن بهذا الجانب عنايةً فائقة قديماً وحديثاً، فعلى السائل أن يراجع من ذلك كتاب: البرهان في علوم القرآن للزركشي، وكذلك كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.

        الأمر الثاني: بعض العلماء يقول عن ترتيب السور: إنه ترتيب اجتهادي، وبعضهم يقول: إنه ترتيب توقيفي.

        وعلى كلّ حال فقد أجمع الصحابة على المصحف المتداول الآن، وإجماعهم لا بدّ له من مستند.

        والصحيح في هذا الموضوع هو أن ترتيب السور توقيفيٌ أيضاً؛ لإن الإجماع معصومٌ عن الخطأ.

        وأما ما يتعلق بكون أن الترتيب لم يكن على حسب النزول، فهذا أمرٌ يرجع إلى الله -جلّ وعلا-، وما كان من خصائصه -جلّ وعلا-لا ينبغي لأحدٍ أن يدخل فيه، كما قال -تعالى-:"أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ"[1]، فهو -جلّ وعلا- المتصرف في خلقه:"لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ"[2]، وعلى العبد أن يستسلم وينقاد لأوامر الله -جلّ وعلا- ولأوامر رسوله ﷺ؛ وكذلك ما نهى الله عنه -جلّ وعلا-، وما نهى عنه رسوله ﷺ على العبد أن ينقاد إلى الأوامر فعلاً وإلى النواهي تركاً، وألا يدخل فيما لا يعنيه، فقد قال ﷺ: « من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه »، والله -جلّ وعلا- قادرٌ على أن يأمر بترتيب القرآن على حسب النزول:"وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا"[3]؛ ولكنه ترك ذلك ورتّبه على الترتيب الموجود، فعلى العبد أن ينقاد إلى ذلك. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (54) من سورة الأعراف.

[2] الآية (23) من سورة الأنبياء.

[3] من الآية (64) من سورة مريم.