Loader
منذ سنتين

امرأة في بلاد عربية تزوجت رجلاً كبيراً له أبناء وبنات وزوجة ثانية، أتلقى منهم أقسى أنواع الإهانة، وتريد النصيحة


الفتوى رقم (9655) من المرسلة أ. ح، تقول: أكتب هذه الرسالة ودموعي تذرف قهراً دون ذنب ولا سبب، ويعلم الله أني لا أكذب فيها ولم أزد. أنا امرأة في بلاد عربية تزوجت رجلاً كبيراً له أبناء وبنات وزوجة ثانية، أتلقى منهم أقسى أنواع الإهانة، وعندما أذهب لأسلّم على الزوجة الثانية لا ترد عليّ، وفي اجتماعاتهم يقومون بالاستهزاء والشتيمة بي سواء كان هذا من البنات أو الأبناء، وهم عائلة يدّعون النصح للناس وهم يضحكون عليّ في كل شيء، ليس لي أحد هنا فأنا يتيمة، وليس لي أقارب في هذه البلاد، ثم تستمر في ذكر صور من الإهانات التي تتلقاها؛ سواء كانت من الأب، أو الأبناء، أو من البنات، أو من الزوجة الثانية. وقد طلب مني زوجي أن نذهب إلى منطقة أخرى حتى لا يحصل لي هذا الأمر فرفضت؛ لأن هذا سيكون سبباً في التفرقة بينه وبين أبنائه. المرجو النصيحة.

الجواب:

        هذه المسألة ترجع إلى أصل، وهذا الأصل هو التعامل بين الناس، وهذه الصورة فرع من فروع هذا الأصل، ذلك أن التعامل يكون بين الزوج وزوجته، ويكون بين الرجل وأمه أو أبيه، ويكون بين المرأة وأقارب زوجها؛ يعني: من لهم علاقة بزوجها من الأبناء والبنات والأم والأب والزوجة وهكذا سائر الأقارب، ويكون فيه تعامل بين العبد وبين جيرانه، وبينه وبين من هو رئيس عليه؛ يعني: علاقة الرئيس بالمرؤوس وعلاقة المرؤوس برئيسه.

        فالمقصود أن هذا موضوع عام وهام، والواجب على كل شخص أن ينظر ما الذي له وما الذي عليه، وهذا على سبيل الوجوب، وما الذي يمتنع عليه وما الذي يمتنع له.

        فبالنظر لما يجب له يطالب به أو يتسامح عنه، وبالنظر إلى ما حرم عليه أن يفعله لا يجوز له أن يقدم عليه؛ سواءٌ تعلق بزوجته، أو زوجه، أو تعلق بالأم، أو بالأب، أو الابن، أو الزوجة، أو غير ذلك من الناس: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[1]. وهكذا بالنظر إلى الواجب الذي عليه يؤديه، فهو يؤدي الواجب الذي عليه ويكف أذاه عن الناس؛ سواءٌ كان الأذى من ناحية القول، أو من ناحية الفعل، أو من ناحية الكف عن الأذى. وقد يكون قولاً وقد يكون فعلاً هذا بالنظر له، وبالنظر للزوج لا يطلب من زوجته أكثر مما يجب له، ويجب عليه أن يكف أذاه عنها؛ وهكذا بالنظر للزوج إذا كان معه زوجتان أو أكثر؛ فإن كل واحدة منهما يجب عليها أن تعرف ما لها وما عليها، فتطلب الذي لها وتؤدي الذي عليها، وتكف أذاها عن جارتها؛ لأنها إذا كفت أذاها عن جارتها فإن الجارة الأخرى ستسير على هذه الطريقة؛ بمعنى: إنها تكف أذاها عنها. وإذا لم يحصل كفُ الأذى من إحدى الزوجتين فإنه يجب على الزوج أن يتدخل في هذا الأمر؛ وذلك من أجل أن يكف أذى المؤذي وبخاصةٍ إذا كان الأذى مستمراً؛ لأن الأذى قد يقع مرة أو مرتين، وقد يكون مستمراً، ولهذا بعض الناس يكون من طبعه أنه لا يستريح إلا إذا آذى.

        فعلى هذا الأساس لا بدّ من تحديد الجهة المؤذية، ولا بدّ من علاج هذا الأذى، ويكون في هذا تعاونٌ على البر والتقوى. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (190) من سورة البقرة.