Loader
منذ سنتين

النميمة، وخطرها


  • فتاوى
  • 2021-12-18
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4311) من المرسل ع. د سوداني مقيم في المملكة يقول: لو تكرمتم حدثونا عن النميمة، وعن خطرها، وكيف تكون؟

الجواب:

        الشخص يُشغل لسانهُ بما يعودُ عليه بالنفع، أو بما يعودُ عليه بالضرر وقليل من الناس الذي يعرف وظائف الكلام الذي يريد أن يتكلم به، فالرسول ﷺ جاءه رجل فقال: يا رسول الله أوصني قال: « لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله »، وهذا لا يكلف الشخص شيئاً إنما يستحضر عظمةَ الله -جل وعلا- ويكثرُ من ذكر الله، ويقول الرسول ﷺ: « من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة في يوم غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ». وهذا حركة لسان وتوظيف للسان توظيف شرعي، بينما بعض الناس يشغل لسانه بالكذب، يشغل لسانه بشهادة الزور، يشغل لسانه بالغيبة يشغل لسانه بالنميمة، فاللسان متحرك، والواجب على الشخص أن ينظر في وظيفة الكلام الذي يريد أن يتكلم به، وما الآثار المترتبة على هذا الكلام سواء كانت أثاراً دنيوية، أو كانت آثاراً أخروية.

        والدنيوية سواء كانت آثاراً سابقة، أو كانت آثاراً حاضرة، أو كانت آثاراً مستقبلة قريبة، أو متوسطة أو بعيدة.

        ومما يؤسف له أن كثيراً من المجالس عندما يجتمع الناس تجد أن بعضهم يشتغل بالنميمة، فمثلاً يأتي إلى واحد من الجالسين، ويقول إن فلاناً قال فيك كذا وكذا وكذا، بمعنى أنك تنقل كلام شخص بشخص، سمعته من المتكلم به ابتداء، ونقلته إلى من قيل فيه هذا الكلام. فنقل الحديث فيما بين الناس، هذا يكون من باب النميمة.

        لكن عندما تنصِب نفسك وتسبُ شخصاً ليس بحاضر، تتكلم فيه بما فيه، تتكلم فيه بما ليس فيه، فإذا تكلمت فيه بما فيه فهذا من الغيبة، وإذا تكلمت فيه بما ليس فيه فهذا من البهتان.

        فتارة تتكلم ناقلاً لما قاله فلانٌ بفلان إلى ذلك الشخص الذي قيل فيه هذا الكلام، فيكون هذا نميمة، وتتكلم في عرض شخص بما فيه وهو ليس بحاضر، فيكون هذا من باب الغيبة، وتتكلم في شخص ليس بحاضر بما ليس فيه، فيكون هذا من باب البهتان؛ يعني: من باب الكذب.

        فإذاً حركة اللسان تارة تقربكَ من اللهِ -جل وعلا- تقربك من الناس، تقربك من أسرتك، وتارة تبعدك عن الله، تبعدك عن الناس، وتبعدك عن أسرتك.

        فالمقصود: هو أن الشخص إذا أراد أن يتكلم، فواجب عليه أن ينظر إلى وظيفة الكلام قبل أن يتكلم به، فإذا كان الكلام يقربهُ إلى الله -جل وعلا- تكلم، مثل الناس الذين ينصحون الناس، يتكلمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومثل الخطباء خطباء المساجد الجمعة، ومثل الشخص الذي يلقي محاضرة من أجل أن ينبه الناس وما إلى ذلك، ومثل الشخص الذي يذكر الله -جل وعلا- ويسبحه وهكذا، فينظر في وظيفة الكلام قبل أن يقوله، فإذا كان يقربه إلى الله، أقدم عليه، وإذا كان يبعده عن الله بأي وجهٍ من وجوه البعد فإنه يسكت عنه، ويقصد بذلك امتثال أمر الله -جل وعلا- والله يثيبه على ذلك وبالله التوفيق.

        المذيع: كأنه يريد أن تتفضلوا بالحديث أيضاً عن أخطار النميمة بالإضافة إلى ما تحدثتم به؟

        الشيخ: أنا ذكرت في الجواب الآثار العامة؛ لأن الشخص المتكلّم به عدما تنقل إليه الحديث، قد يكون قادراً على إيقاع الأذى بذلك الشخص الذي تكلم به، وقد يوقع فيه من الأذى ما يكون زائداً عن الحق الشرعي، قد يكون هناك فرقة بينه وبينه، يكون أحدهما أب والثاني ابن، أحدهما أخ، والثاني مثلًا أخوه، أحدهما زوج والثاني زوجة مثلاً وهكذا، يعني تكون بينهم علاقة أسرية، أو علاقة اجتماعية، أو علاقة عملية، أو غير ذلك من جوه العلاقات، فتكون هذه النميمة سبباً في أثر هذه العلاقة من جهة تضعيفها أو إزالتها، هذا بالإضافة إلى ما قد يترتب على ذلك من إيقاع الأذى بمن قال هذا الكلام ابتداء.

        وبناء على ذلك يحصل تفكك بوجهة عام من جهة الأسرة، وتفكك بوجهة عام من ناحية المجتمع. وبالله التوفيق.