Loader
منذ 3 سنوات

حكم خطبة الرجل على خطبة أخيه المسلم


الفتوى رقم (284) من المرسل ن.ع.س من السودان، يقول: طلبت فتاة، ووافقت على الزواج بي، واتصلت بوالدها وأهلها جميعاً ووافقوا على ذلك، وأخيراً وجدت أنها مخطوبة من قبل، وقد دفع خطيبها الأول نصف المهر، لكنه لم يعقد عليها، لكن والد الفتاة رفض ذلك الرجل لأسباب كثيرة، فهو يريد أن يدفع المهر، ويعقد عليها في الوقت نفسه حتى إذا جاء خطيبها الأول ليس له عليه أي احتجاج، فهل هذا جائز أم لا؟

الجواب:

        أولاً: فيما يخص الخطيب الأول، إذا كان قد تقدم لخطبة هذه البنت من ولي أمرها، ووافق وأعطاه الإجابة، ووافقت البنت على ذلك، ولم يكن فيه مانع شرعي خفي على البنت وعلى ولي أمرها، فحينئذ تكون هذه الخطبة صحيحة، وتكون موافقة ولي البنت وموافقة البنت صحيحة.

        ثانياً: فيما يخص الزوج الثاني، إذا كان قد تقدم لخطبة هذه البنت مع توفر الأمر الأول، فإنه لا يجوز له أن يستمر بعد علمه بخطبة الأول.

 أما كونه خطب، وهو لم يعلم، فإنه لا إثم عليه في ذلك، لكن بعدما علم، ولم يكن في الزوج الأول مانع شرعي، فإنه لا يجوز له أن يستمر في خطبته، وبخاصة أنه ذكر أن الأول قد دفع نصف المهر.

        ثالثاً: فيما يخص ولي أمر المرأة، إذا كان قد امتنع عن الزوج الأول وعدل إلى الزوج الثاني وإن كان الأول قد دفع نصف المهر؛ لأنه تبين له أن الأول يتصف بصفات ليست مرضية شرعاً، وكانت خافية عليه في الأول، ثم تبينت له في الآخر، فإن رجوعه عن الأول صحيح، وإعطاءه الثاني صحيح، إذا كان الثاني ليس فيه مانع شرعي يمنع من تزويجه، قال الرسول : « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير » [1].

        ومما يحسن التنبيه عليه بهذه المناسبة هو أن كثيراً من الأشخاص يتقدم الواحد منهم لطلب يد امرأة من ولي أمرها مع علمه أنها مخطوبة لشخص آخر ومتأكد أنهم أعطوه وأنه لا يوجد به مانع شرعي، وهذا لا يجوز، وقد نهى عنه النبي بقوله: « لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه »[2].

        وهذا التحريم من أجل رعاية مصلحة الفرد، ومن جهة رعاية مصلحة الجماعة، وكذلك من جهة النظر إلى عواقب الأمور، فأما بالنظر إلى:

        مصلحة الفرد: فهو بالنظر إلى مصلحة المرأة، وبالنظر إلى مصلحة الزوج الأول الذي خطبها.

        مصلحة الجماعة: فهو بالنظر إلى أن الزوج الثاني إذا خطبها وأعطي بعد إعطاء الأول، فقد يترتب على ذلك خلاف بين الزوجين، ويكون هذا الخلاف مؤدياً إلى أمور لا تحمد عقباها.

        وأما بالنظر إلى الآثار المترتبة على الأمر من بعيد، فهذه الأمور هي رعاية جلب المصلحة ودرء المفسدة، فجلب المصلحة يتحقق بالاستمرار مع الزوج الأول، ودرء المفسدة يتحقق بمنع الزوج الثاني.

        فالأشخاص الذين يسلكون هذا المسلك عليهم أن يتنبهوا إلى هذا الأمر، ثم من جهة أخرى أن الزوج الثاني إذا تعدى على الزوج الأول، وخطب بعد علمه بخطبته، فقد يترتب على ذلك عقوبة على الزوج الثاني.

        وهذه العقوبة هي أنه لا يوفق في هذا الزواج، وقد يكون عدم التوفيق من جهته أنه لا يرغب فيها، أو من جهتها أنها لا ترغب فيه، أو من جهة الشخصين معا؛ يعني أنها تنفر منه وهو ينفر منها، ويكون قد خسر بذلك ماله مع أنه أساء إلى ذلك الشخص، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب النكاح، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه (3/386)، رقم(1084)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب الأكفاء (1/632)، رقم(1967)، وسعيد بن منصور في سننه(1/190)، رقم(590)، واللفظ له.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع(7/19)، رقم(5142)، ومسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها(2/1029)، رقم(1408).