Loader
منذ 3 سنوات

حكم مقاطعة العم لسنوات بسبب أكله لمال ابن أخيه ونصيحتكم للعم


  • فتاوى
  • 2021-09-10
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1500) من المرسل م. أ. م، مصري، يقول: عشت يتيماً في بيت جدي والد والدتي، ولي عم أخ والدي كان خليط والدي في المال، لما تُوفِي والدي وأنا صغير أكل نصيب والدي من الميراث، وحينما طالبته بنصيبي من الميراث قال: ليس لوالدك أي شيء، وأكل جميع حقوقي بالمرة؛ ولهذا فإني قاطعته من مدة خمسة عشر عاماً، لم أرُد عليه السلام، وبذلك أشعر أنني قد أخطأت؛ حيث ارتكبت قطع صلة الرحم. أرجو أن ترشدوني وترشدوا عمي.

الجواب:

        هذه المسألة مهمة بالنظر إلى كثرة وقوعها، والتباس الأمر فيها؛ بناءً على أن ظن السائل قد يُطابق الواقع الذي يريده وقد لا يطابقه. وبناءً على ذلك لا بدّ من بيان الأمور الآتية:

        الأمر الأول: إذا كان والدك قد تُوفي قبل أبيه، وأنت تطالب بحق أبيك من أبيه وهو مُتوفى قبله، فإن والدك لا يكون وارثاً لأبيه إذا تُوفي قبله، وكثير من الناس يطالب بحق أبيه ظناً منه أن له حقاً، وهذا ليس بصحيح.

        الأمر الثاني: إذا كان لوالدك حقوق معينة باسمه عند أبيه أو كان شريكاً لأبيه، فأنت تُطالب بالأمور المعينة التي لأبيك عند أبيه إذا كان عمك قد استولى عليها بعد وفاة أبيك؛ وكذلك إذا كان أبوك شريكاً لأبيه واستولى عمك على مال أبيك من شراكة مع أبيه.

        الأمر الثالث: إذا كان والدك قد تُوفي بعد أبيه، وعمك قد استحوذ على الإرث بالنسبة لحقه ولحق أبيك؛ فإن ورثة أبيك لهم الحق في مطالبة عمك باستخلاص ما أدخله أو ما أخذه من إرث أبيك من أبيه، ويكون ذلك عند الحاكم الشرعي في بلدك.

        الأمر الرابع: إنه لا ينبغي أن تكون أمور الدنيا حائلةً بين القريب وبين قريبه، فإذا لم يَصل القريب المظلوم إلى درجة التنازل عن حقه لمن ظلمه فلا أقل من أن يُعامله في هذه الحياة معاملة حسنة من الزيارة ومن البِرّ والصلة في حدود الوجوه المشروعة؛ أما حقه الذي في ذمته إذا لم يعفو عنه فسيجده عند الله -جلّ وعلا- إذا أقام الخصومة بينهما عنده -جلّ وعلا- يوم القيامة؛ فإنه يأخذ حق المظلوم من الظالم.

        وهذه المسألة من مسائل الديون الذي تجري فيه الخصومة بين الخلق بعضهم مع بعض.

        فأنصح السائل وهذا هو الأمر الخامس، أنصحه بالرجوع على عمه والسلام عليه وزيارته.

        الأمر السادس: يتعلق بالعم، فإذا كان العم قد دخل في ذمته حق لهذا الشخص من جهة واقع الأمر، لا من جهةِ ظن السائل، إذا كان قد دخل في ذمته حق له، فعليه أن يتقي الله في نفسه، وأن يُعيد الحق إلى صاحبه في هذه الحياة قبل أن يُؤخذ منه يوم القيامة، وهو في أمسّ الحاجة إلى زيادة الحسنات، في يوم وصفه الله في القرآن في مواضع كثيرة، منها قوله -تعالى-:"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)"[1] إلى آخر الآيات. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (34-37)، من سورة عبس.