Loader
منذ سنتين

حكم الجلوس وكشف الوجه مع بنت العم التي قامت بحضانته ولم ترضعه


الفتوى رقم (2607) من المرسلة السابقة، تقول: إن لزوجي ابنة عم تبلغ من العمر أربعين عاماً، وقد جلس معها أربعة أشهر في حضانتها؛ ولكنها لم ترضعه، وهو يدخل عليها، فهل يجوز أن تكشف حجابها عنده ويجالسها؟

الجواب:

مجرد هذه القرابة المذكورة لا يبيح له الدخول عليها والخلوة بها؛ لأن الرسول ﷺ قال: « ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما »، ولا يجوز لها أن تكشف وجهها له، سواءٌ كانت معه على انفرادٍ، أو كانت معه ومع غيره؛ لأنه لا يجوز أن تكشف وجهها إلا لمحارمها -فقط-، وليس هذا من محارمها.

        وهذا السؤال يثير إشكالاً بالنظر إلى أن كثيراً من الناس يتساهل في هذا الجانب؛ بمعنى: إن الرجل يخلو بامرأة من أقاربه، وهو ليس من محارمها؛ وكذلك قد يسافر معها، قد تكشف وجهها له، وقد تسلّم عليه، وقد يقبّلها وتقبّله، لا شك أن هذه أمور تعتبر من الأمور المعتادة؛ ولكن الأمور المعتادة إذا كانت مخالفةً للشرع لا يجوز إقرارها من جهة، ولا يجوز للإنسان أن يقدم عليها من جهةٍ أخرى، فعلى كلّ رجلٍ أن يتقي الله في نفسه، وأن يتجنب الخلوة بالمرأة التي ليست من محارمه؛ وكذلك المرأة عليها أن تتقي الله، وألا تخلو برجلٍ ليس من محارمها، وكذلك عليها أن تتقي الله -جلّ وعلا-، وأن تتحجب من غير محارمها؛ لأن الحجاب من الأمور الواجبة، ويكفي في ذلك ما جاء في القرآن، وما جاء في السنة القولية، وما جاء -أيضاً- من عمل الصحابة في نسائهم، وعمل الصحابيات في أنفسهن في ذلك، وكذلك القرن الثاني، وكذلك القرن الثالث، وهي القرون المفضلة التي قال فيها الرسول ﷺ: « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم »، قال الراوي: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ».

        فالواقع أن الناس عندما يتوارثون أمراً من الأمور المخالفة للشرع، ويكثر وينتشر ويكون أمراً مألوفاً عندهم، ويعتقدون أن هذا من الأمور المسنونة، وعندما ينبّهون على أمر الشرع، يعتقدون أن هذا الأمر المشروع هو البدعة؛ فهذا مما يدل على ضعف إيمانهم من جهة، وعلى جهلهم من جهةٍ أخرى، وكما أن هذا يوجد في النساء، فهو موجودٌ في الرجال من ناحية أنهم لا يبالون في مثل هذه الأمور. أضف إلى ذلك الأشخاص الذين يسافرون إلى خارج البلاد، وكذلك النساء اللاتي يسافرن إلى خارج البلاد، يجدون أناساً يدخلون هذا المدخل؛ يعني: يجتمعون ويسلّم بعضهم على بعض، مع أنهم بعضهم ليس بمحرمٍ لبعض. وكذلك من ناحية كشف الوجه، ولا شك أن الإنسان مأمور باتباع ما أمر الله به، وما أمر رسوله ﷺ، وكذلك اجتناب ما نهى الله عنه، وما نهى عنه رسوله ﷺ، وليس لأحدٍ كلامٌ مع كلام الله، وكلام رسوله ﷺ. وبالله التوفيق.

المذيع -: تقول السائلة أن هذا رجلٌ متدين، فلعله يريد أن يكافئ تلك المرأة التي حضنته، ويرد لها معروفها، فكيف يرد المعروف من غير أن يقع في محظور؟

الشيخ: هي لم تتعرض لهذه النقطة، وإنما ذكرت أنه يدخل عليها، وأنها تجلس معه بدون حجاب، فإذا كان الأمر كذلك فبإمكانه أن يحسن إليها في أمور مالية في: كسوة، في نفقة، في نقود، بإمكانه أن يرسل زوجته لها، أو أن يعطي أحداً من محارمها يسلّم لها هذا المبلغ؛ أما كونه يدخل عليها، وينفرد بها وتجلس معه، فهذا من باب المعصية، وليس من باب الطاعة والمكافأة. فيكون آثماً بدلاً من أن يكون مأجوراً. وبالله التوفيق.