Loader
منذ 3 سنوات

حكم الزيادة في الربح عن النصف


الفتوى رقم (1219) من المرسل السابق، يقول: هل الزيادة في الربح عن النصف حرام في البيع، كأن يشتري التاجر متر القماش بعشرة، ويبيعه بعشرين، أو أكثر، فهل يُعتبر هذا حرامًا، وهل على العامل مع التاجر إثم إذا كان صاحب المعرض هو الذي يحدد السعر، وإنما هو مجرد بائع له براتب معلوم؟

الجواب:

مما يؤسف له أن كثيراً من الناس الذين يبيعون في متاجرهم على اختلاف أنواع هذه المتاجر، وعلى اختلاف أنواع المباشرين لهذا البيع، فقد يكون الشخص أصيلاً، وقد يكون نائباً عن صاحب المحل، وقد يكون ابناً من أبنائه، المهم أنه مشروع له أن يبيع من هذا المحل بأي وجهٍ من وجوه المشروعية، ثم إن هذا الشخص يستغل غفلة الناس الذين يأتون إليه، فيضع لكل شخص سِعرًا، فإذا جاء شخص غريب، وضع له سِعراً عالياً، وإذا جاء شخص صغير وضع له سِعراً عالياً، وإذا جاءت امرأة وضع لها سِعرًا عالياً، وهكذا، وإذا جاء شخص يُحسن المُماكسة، ويعرف أسعار السلع في السوق، فإنه يُعطيه بسعر خاص، وقد يأتي شخص، ويضع الثقة في صاحب المحل بالنظر إلى وجود قرابة، أو إلى معرفة بينهما، ويقول له: أريد أن تُعطيني كذا، فيقول: خُذ هذه السلعة، وما بِعنا أحدًا بهذا السعر إلا أنت، وقد يأخذ عليه الربح أضعافًا مضاعفة، وهو كاذبٌ في كلامه هذا؛ لكنه استغل ائتمان هذا الشخص له من جهة أنه لم يسأله عن السعر الحقيقي، وإنما وكَل الثقة إليه، فهذه الأنواع من المعاملة لا تجوز يعني يستغل عدم كفاءة الصغير، يستغل المرأة من جهة أنها لا تُحسن تُماكس، يستغل الشخص الأجنبي عن السوق الشخص الغريب، فيضع أسعارًا لهؤلاء زائدة جدًا عن الأسعار، وإذا جاءه شخص يحسن المماكسة، فإنه يعطيه هذه السلعة بربح قليل، وهكذا، فهذا النوع لا يجوز له أن يعمله.

 لكن إذا كان الشخص اشترى سلعة، يعني جاءته، ثم بعد ذلك رفع سعرها، وجعل الناس فيه سواء فهذا إليه.

 لكن مما يحسن التنبيه عليه هنا أن الناس إذا كان لهم حاجة بهذه السلعة، فلا ينبغي للشخص أن يستغل حاجة الناس، ويرفع سعرها بثمنٍ غالٍ، بل عليه أن يستعمل الإحسان إلى الناس عموماً على حسب اختلاف الزمان، والأحوال، والأشخاص من أجل أن يكون كسبه حسنًا، والله جلَّ وعلا أمر بالإحسان، فقال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ"[1]، فهو كما أمر بالإحسان أمر بالعدل أيضًا، وقال تعالى:"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[2]، وقال: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ"[3]، فمن أحب عباد الله إلى الله جلَّ وعلا المحسنون لخلقه، فعلى العبد أن يتقي الله، ويراقبه، ويعلم أنه مسؤول عن هذه المعاملة.وبالله التوفيق.



[1] من الآية (90) من سورة النحل.

[2] من الآية (195) من سورة البقرة.

[3] الآية (128) من سورة النحل.