Loader
منذ سنتين

ما حكم بيع الخضروات أو الفواكه إذا كان الجيد يعرض فوق والرديء تحت والمشتري يعلم بذلك وأصبح عرفاً بينهم؟


الفتوى رقم (9660) من المرسل السابق، يقول: عندنا في الجزائر تعرض الخضراوات والفواكه بطريقة للبيع معينة، وهي نأخذ مثالاً التفاح أو البطاطا أو الطماطم حيث تعرض الحسنة الخشنة داخل الصندوق من فوق، أما ما يوجد تحتها فهو متوسط الحجم ورقيق في بعض الأحيان. يقول: هذه الطريقة التي تعرض بها السلع وتباع هي منتشرة عندنا ومعروفة حتى لدى المشتري، فكل مشتر أتى يعرف أن الطريقة المتبعة هي هذه، قمت أنا بتصنيف السلع فوضعت المتوسط في صندوق، والخشن في صندوق، والرقيق في صندوق، إلا أن سلعي لم تلق رواجاً ولم أستطع بيعها فعدت إلى بيعها بالطريقة الأولى المذكورة، فما الحكم مع العلم أن الزبون يعلم ما يوجد في الصندوق؟

الجواب:

        هذه الظاهرة موجودة في بعض الأسواق في بعض البلدان، وهذه الظاهرة ليست خاصة في الفواكه؛ بل هي عامة في كثيرٍ مما يعرض للبيع، وأنا أذكر بعض الأمثلة لأن هذا داخل في أصل من أصول الشريعة وهو: خيانة الأمانة. وخيانة الأمانة من فروعها الغش، ومن فروع الغش: الغش التجاري، وهذا فرعٌ من فروع الغش التجاري. والغش التجاري يكون على هذه الصفة التي سأل عنها السائل لهذا النوع من البضائع.

        ومن الغش الذي يحصل أن شخصاً يكون عنده تنكة عسل-هذا واقع- فيأتي بسبع تنكات من دبس التمر، ويمزج هذا الدبس بهذا العسل فتكون ثمانية تنكات ويعرضها على أنه عسل سدر؛ يعني: من الدرجة الأولى، ويبيع الكيلو ب أربعمائة وخمسين ريال، و بخمسمائة ريال. وفيه بعض الأشخاص الذين يبيعون السمن يأتي ببطاطس ويطبخه ويجعله في أسفل التنكة ويجعل أعلاها سمناً أخضر ممتازاً، وبعد ذلك إذا أخذ هذا السمن وذهب به إلى البيت وتركه مدة أنتن بسبب وجود هذا الشيء.

        وبعض الناس الذين يكنزون التمر في تنك يجعل أحجاراً في أسفل التنك قبل أن يضع التمر فيها، ثم بعد ذلك يضع تمراً فتأتي أنت وتجد أن هذه التنكة ثقيلة وأن الأعلى ممتاز.

        وإذا دخلت سوق الخضار وجدت الذين يعرضون الموز والبرتقال والتفاح جميع هذه الأمور، تجد أنهم يجعلون الأشياء المقبولة الممتازة -تجد أنها صفة أو صفتين فوق الكرتون وفوق الصندوق، وعندما تأخذ هذا إلى البيت وتفرغه تجد الأسفل هذا منه ما يكون صغيراً، ومنه ما يكون غير صالح للاستعمال أصلاً، ولو أنك قلت للبائع: أريد أن أفرغ هذا الصندوق عندك في صندوق آخر فإن ناسبني أخذته وإلا تركته قال لك: لا، فيكون هذا من الغش. وموجود أيضاً عند الذين يطحنون البر يخلطونه بذرة وغير ذلك.

        فالمقصود أن هذا كله داخل في الغش، والرسول ﷺ يقول: « من غشنا فليس منا »، وقال ﷺ: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه »، وكون الإنسان إذا نصح لا تنفق سلعته وقتاً محدداً، وإذا غش نفقت سلعته، فإنفاق السلعة في حال الغش هذا من باب الاستدراج لهذا الشخص، ومنع إنفاق السلعة إذا نصح هذا يكون على سبيل الابتلاء والامتحان من الله لهذا الشخص، هل هو صادقٌ في تطبيقه لما أمره الله به؟ أم أن تطبيقه هذا مؤقت؟ فكونه يمتنع البيع في فترة كما ذكرت قبل قليل هذا من باب الابتلاء والامتحان للشخص، وكونها تنفق إذا غش هذا لا شك أنه من باب العقوبة للشخص كما قال -جل وعلا-: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}[1]، وقوله: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[2]، فلا تغتر بالناس الذين تنفق سلعهم وهم يغشون الناس، وأنت تتأخر السلعة عندك فترةً إذا نصحت؛ فإن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (44) من سورة القلم.

[2] من الآية (45) من سورة القلم.