Loader
منذ سنتين

يعيش المسلمون تحديات في أمور الدين، منهم من يجيز، ومنهم من يمنع، هذا يحلل وهذا يحرم، بم ندرك الرأي السديد والمرضي لله للأخذ به وصاحب الرأي الخاطئ لاجتنابه؟


  • فتاوى
  • 2022-03-06
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11977) من ثانوية في الزلفي، يقول: يعيش المسلمون تحديات في واجهات متناقضة وخصوصاً في أمور الدين، منهم من يجيز، ومنهم من يمنع. هذا يحلل وهذا يحرم. هذا يفرط وذلك يتساهل حتى في المناهج بل في واقع الناس، كل تيار يستدل بالقرآن الكريم والسنة، فهذا يرى أن حقوق المرأة، والتعامل مع البنوك، والعلاقة مع الكفار ينبغي أن تكون وفقاً لخط معين، وذلك يعارضه تماماً، كيف وبم ندرك الرأي السديد والمرضي لله للأخذ به. وصاحب الرأي الخاطئ لاجتنابه وعدم العمل به؟

الجواب:

يقول الله -سبحانه وتعالى-: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}[1].

فذكر الله -جل وعلا- أن محل الهدى هو القرآن، وأن هذا القرآن لا ريب فيه، وأن هذا القرآن يفسر بعضه بعضاً، وأن السنة يفسر بعضها بعض، وأنها مفسرة للقرآن. وقد قال الله -سبحانه وتعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[2] وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[3]، وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[4].

ولما ذكر الرسول ﷺ افتراق الأمم وأن هذه الأمة ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة قال « كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله ؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ».

        ولكن فهم القرآن والسنة، وربط القرآن بعضه ببعض، وربط السنة بالقرآن يحتاج إلى أهله.

        وكثير من الناس الذين يتكلمون في الدين ليست عندهم بنية شرعية كافية لأن يكونوا أهلاً للتكلم في التحليل والتحريم، فنسمع من بعض الأشخاص في وسائل الإعلام يكون مهندساً زراعياً أو مهندساً ميكانيكياً؛ يعني: يشتغل في أي عمل من أعمال الدنيا، وليس له علاقة في أمور الدين من ناحية التعلم، ولهذا فالشخص الذي يتكلم يمكن أنه لا يحسن الوضوء؛ ولكن تكون عنده جرأة يتكلم في هذا الدين من ناحية التحليل والتحريم.

        والواجب على الشخص إذا احتاج إلى مسألة من المسائل أن يأخذ رأي الله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[5] فيبحث عن شخص يكون موثوقاً في أمانته، وموثوقاً في علمه، وموثوقاً في عمله ويسأله عن المسألة التي يحتاج إليها.

        أما ما يحصل من الخبط والخلط في هذا الدين فلا شك أن كل شخص يتكلم سيسأله الله عنه، ولهذا قال الله لنبيه ﷺ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[6]، ويقول: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)}[7] ويقول: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[8].

فالشخص عندما يتكلم وهو ليس أهلاً للشيء الذي تكلم فيه في التحليل والتحريم فإن الله -سبحانه وتعالى- سيسأله عنه يوم القيامة، ولهذا جاء في الحديث أن الشخص يُسأل عن أربع، وذكر منها: علمه فيما عمل به، فإذا كان الشخص ما تعلم علماً؛ ولكنه يتكلم في التحليل والتحريم؛ فهذا من القول على الله -جل وعلا- بغير علم وسيسأله الله جل وعلا. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (1-5) من سورة البقرة.

[2] من الآية (3) من سورة المائدة.

[3] من الآية (9) من سورة الإسراء.

[4] من الآية (153) من سورة الأنعام.

[5] من الآية (43) من سورة النحل.

[6] من الآية (36) من سورة الإسراء.

[7] الآيات (44-46) من سورة الحاقة.

[8] الآية (33) من سورة الأعراف.