Loader
منذ 3 سنوات

حكم التهاون بأيمان الطلاق


  • الطلاق
  • 2021-07-31
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6807) من المرسل ع.ع.، يقول: أرجو من فضيلتكم توجيه الكلمة لبعض الرجال الذين يتباهون بعقولهم وقوتهم ويستعرضون عضلاتهم بأيمان الطلاق والتهديد بالطلاق لزوجاتهم، ثم يعودون فيما يقولون، ويتعللون بغضبهم الشديد وانفعالهم، وذلك في حالة إصرارهم للنكث بأيمانهم والحنث فيها وتوضيح قول الرسول الكريم ﷺ: « ثلاث جدهن جد... » الحديث.

الجواب:

        لا شك أن العلاقة الزوجية لها أهمية كبيرة، والمتعين في هذا المقام أن الزوجة تفهم ما لها وما عليها؛ وكذلك الزوج يفهم ما له وما عليه، فالزوجة لا بدّ أن تعرف الحقوق الزوجية التي لزوجها عليها وتؤديها على الوجه الأكمل، وتعرف الحقوق التي لها على زوجها وتطلب هذه الحقوق منه، فلا تتعدى وتطلب منه شيئاً ليس من حقها؛ وكذلك الزوج ينبغي أن يعرف الحقوق الواجبة لزوجته عليه ويؤدي هذه الحقوق على الوجه الأكمل؛ وكذلك يعرف الحقوق التي له على زوجته ويطلب منها أداء هذه الحقوق.

        ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام أمور:

        أما الأمر الأول: فهو أن كل واحد من الزوجين لا بدّ أن يتنبه إلى دراسة طبيعة صاحبه، فالزوجة تدرس طبيعة زوجها، والزوج يدرس طبيعة زوجته؛ لأن الله سبحانه وتعالى جبل الرجال وجبل النساء على صفات كما جاء في الحديث: « إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم »[1]، فالله سبحانه وتعالى قسم الطبائع والأخلاق على الذكور وعلى الإناث، فيعرف الرجل زوجته من ناحية رحابة صدرها أو ضيق صدرها إلى غير ذلك من الصفات، وهي بدورها تدرس وضع زوجها وتنظر في الخصائص التي جعلها الله فيه، وبعد معرفة كلّ واحدٍ منهما للآخر يكون ذلك من الأسباب الداعية لحسن التفاهم بينهما؛ هذا هو الأمر الأول.

        الأمر الثاني: أنه قد يتدخل بين الزوجين شخصٌ، ومن ذلك إغراء أم الزوجة للزوجة، وتسليط أم الزوجة للزوجة على زوجها، أو تدخل أختٌ كبرى؛ أي: واحد من أقارب الزوجة يتدخل ويغريها على زوجها، ويكون غاشاً لها ليس ناصحاً، وقد قال ﷺ: « من غشنا فليس منا »، فقد يكون حاسداً لها، وقد يكون بينها وبينه أمرٌ من الأمور ويريد أن ينتقم منها إلى غير ذلك من الأغراض؛ وهكذا بالنظر للزوج قد يتدخل والده أو أمه أو أي واحد من أقاربه في العلاقة الزوجية، وقد قال ﷺ: « من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ».

        الأمر الثالث: إذا وقع خلافٌ بين الزوجين فينبغي أن يعرف الرجل أن الله سبحانه وتعالى أعطاه قوةً في عقله، وأعطاه قوة في سائر تصرفاته؛ كما قال -تعالى-: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ"[2]، إلا أن العاطفة عنده قليلة، والله سبحانه وتعالى مما جبل عليه المرأة القوة في عاطفتها. ودرجتها في العقل أقل من درجة الرجل.

        وبناءً على ذلك فينبغي على الرجل أن يكون روياً في تحمل الأمور التي تحدث من زوجته إذا كانت هذه الأمور من الأمور التي له حق تحملها؛ لأن الأمور التي تقع تارةً تكون حقاً لله -جل وعلا-؛ يعني: يكون السبب هو حقٌ لله -جل وعلا-، وتارةً يكون حقاً للزوج، وتارةً يكون حقاً مشتركاً؛ يعني: بين الله سبحانه وتعالى وبين الزوج، فما كان من حق الله -جل وعلا- خالص فهذا لا يملك العبد أن يتسامح عنه؛ وكذلك ما كان مشتركاً لا يملك أن يتسامح عنه؛ لكن ما كان خاصاً له فهذا بإمكانه أن يتحمله إذا وقع من زوجته كما قال -تعالى-: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"[3]، وكما أن هذا بالنظر للزوج فكذلك بالنظر للزوجة. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أحمد في مسنده (6/189)، رقم(3672).

[2] من الآية (34) من سورة النساء.

[3] من الآ ية (40) من سورة الشورى.