Loader
منذ سنتين

ما حكم من زوّج ابنته إلى شابٍ لا يصلي وهو يعلم بذلك؟


الفتوى رقم (10089) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما حكم من زوّج ابنته إلى شابٍ لا يصلي وهو يعلم بذلك، والبنت تعلم أن زوجها لا يصلي، فما حكم الأب حينذاك إذا رضي لابنته هذا الزوج؟ وما عليهم أن يفعلوا بعد أن تزوجها وبنى بها؟

الجواب:

        من المعلوم أن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وأن الشخص إذا تركها فإنه يستتاب ثلاثاً فإن لم يتب فإنه يقتل كافراً مرتداً عن الإسلام؛ هذا من جهة. ومن جهةٍ أخرى الرسول ﷺ يقول: « بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة »، ويقول عمر -رضي الله عنه-: « لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ». وفي سورة المدثر: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)}[1]، وفي سورة مريم: خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}[2] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ إلى آخر الآية، فهذا فيه تنبيهٌ على أن الإنسان إذا ترك الصلاة فإنه يستتاب فإذا لم يتب فإنه يكون كافراً، وعلى هذا الأساس لا يجوز العقد لامرأةٍ على شخصٍ لا يصلي، وإذا وافقت المرأة ووافق وليُ أمرها فهذه موافقة ليس لها موضع من الشرع، لماذا؟ لأنه ليس لأحدٍ من الخلق أن يسقط ما أوجب الله، أو أن يستحل ما حرم الله -جل وعلا-، والرسول ﷺ قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ». وهذا ليس بمرضي لا في دينه ولا في أمانته فإذن يكون ولي هذه المرأة داخلاً في عموم قوله ﷺ: « من غشنا فليس منا »، وداخلاً في الخيانة في قوله ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته... »، إلى أن قال: « والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته »، فهو راعٍ على هذه البنت من ناحية أنه يختار لها من هو مرضيٌ في دينه وأمانته، وإذا عدل عن ذلك فقد خان هذه الأمانة والله -تعالى- يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[3]. فواجبٌ عليه أن يؤدي هذه الأمانة إلى أهلها وذلك باختيار الكفء لبنته. ومن جهتها هي لا يجوز لها أن توافق على ذلك لأنها خائنة؛ لأن الرسول ﷺ قال: « تنكح المرأة لأربعٍ: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها... »، فهذه أسقطت الجانب الديني أيضاً من جهتها، أسقطت هذا الجانب كما أن الناحية الدينية شرطٌ في نكاحها هي فقد أسقطت هي هذه الصفة، قد تكون موجودة فيها لكنها أسقطتها من جانب الزوج، فلا يجوز لها أن تستبيح هذا الأمر.

        أما بالنظر إلى العقد الذي حصل فإنه عقد غير صحيح لعدم وجود الدِّين في الزوج. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (42-43) من سورة المدثر.

[2] من الآيتين (59-60) من سورة مريم.

[3] من الآية (58) من سورة النساء.