تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ...... }
- التفسير
- 2021-12-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5040) من المرسل ص. م من الطائف، يقول: ما تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ؟[1].
الجواب:
هذه الآية فيها بيان قدرة الله جل وعلا وغناه عن خلقه، وبيان أن الخلق لا يستغنون عن الله جل وعلا طرفة عين، وفيها بيان أن الشخص لا ينبغي أو لا يجوز له أن يغتر بنفسه وأن يمن بإيمانه وبطاعته على الله جل وعلا، ثم بعد ذلك يرجع عن الإسلام ويكون كفره هذا كفر بعد إيمان، هذه كلها أمور لا تجوز فيجب أن يكون الإنسان خائفاً من الله جل وعلا، فيغلب جانب الخوف من الله جل وعلا من جهتين:
أما الجهة الأولى: فهي الخوف من الله جل وعلا ألا يغفر له ما حصل من الخطايا.
أما الجهة الثانية: فإنه يخاف ألا يقبل الله من أعماله الصالحات.
ولكن يغلب جانب الخوف على جانب الرجاء، وهو إذا غلب جانب الخوف على جانب الرجاء في هذه الحال، فإنه يقلل من المعاصي ويكثر من الطاعات، وعندما يصرف نظره عن هذا ويغرق حتى يصل إلى درجة الارتداد عن الدين فإن الله جل وعلا ليس بحاجة إليه، وقد بين أنه يأتي ببديل عنه وهذا البديل يكون مطيعاً لله جل علاه يمتثل لأوامره ويجتنب ما نهاه الله جل وعلا عنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[2].
يعني بهذا والله أعلم أن هؤلاء الذين سيأتي بهم الله بدلاً عن المرتدين عن الإسلام أنهم يكونون أداةً صالحة لإخوانهم المسلمين يتفقون معهم في طاعة الله جل وعلا يفعلونها، وكذلك يتفقون معهم في ترك معصية الله جل وعلا، ويكونون سلاحاً قويا ضد الكافرين وضد المخالفين لأوامر الله جل وعلا من جهة ترك الواجبات وكذلك للمخالفين الذين يفعلون المحرمات، {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[3]، يجاهدون في سبيل الله بألسنتهم، و يجاهدون في سبيل الله بأبداًنهم، ويجاهدون في سبيل الله بأموالهم لا يخافون لومة لائمٍ يرجون ثواب الله ويخافون عقابه، وهذه الآية فيها تنبيه على أنه يجب على الإنسان أن يتنبه لنفسه وأن يكون مستيقظاً وأن يكون سائراً على ما يرضي الله جل وعلا من الأقوال والأعمال ومن الاعتقاد وكذلك يترك ما حرمه الله جل وعلا من الأقوال ومن الأعمال ومن الاعتقاد، وعندما يستمر في حياته على هذا الوضع ويأتيه الموت فإنه يُغلب جانب الرجاء على جانب الخوف وتغليبه لجانب الرجاء على جانب الخوف لهذه الحالة هو أنه يرجو من ربه أن يغفر له ما حصل منه من تقصيرٍ في باب الواجبات أو من ارتكاب محرمٍ في باب المحرمات، وكذلك يتفضل الله عليه بقبول ما حصل منه من الطاعات، فإن الله جل وعلا أرحم بالعبد من نفسه. وبالله التوفيق.