Loader
منذ 3 سنوات

حكم بيع المحصول قبل اكتمال نضجة


الفتوى رقم (1422) من المرسل ع. ق. و، من السودان، يقول: عرض عليّ أخٌ أن أقوم بشراء محصولٍ منه قبل أن يكتمل نُضجه، وبالرغم من أنني رفضت العرض بحجة أن محصوله لم يصل مرحلة الحصاد، إلا أنه أصر عليّ وهو متوكلٌ على الله، وأخيراً وافقت برضائه هو ودفعتُ له المبلغ كاملاً، إلا أنه بعد أن حصد وجد إنتاجه قليلاً، فرفض أن يعطيني المحصول الذي اشتريته منه برضاه؛ بحجةِ أن الإنتاج قليل، فهل يجوز له شرعاً هذا الحق؟ وهل حلالٌ عليه أم حرام؟ مع أنه التزم أن يدفع لي رأس مالي فقط، مع العلم أنه استثمر هذه الأموال في هذا المحصول، وفي فترةٍ لأكثر من خمسة أشهر، هل مثل هذا البيع جائز؟

الجواب:

        هذا البيع لا يجوز لما يشتمل عليه من غررٍ ومن جهالة، فإن النتيجة لهذا المحصول من ناحية الكم وهو المقدار، ومن ناحية الكيف، وهو صفة المحصول من جودة ورداءة، ليس بمعلومٍ لهما جميعاً، فإذا فرضنا أن هذا المحصول صار جيداً من ناحية الكم، ومن ناحية الكيف أكثر من المتوقع، صار فيه مصلحة للمشتري ومضرة ٌعلى البائع، وإذا كان هذا المحصول قليلاً من جهة الكم وضعيفاً من جهة الكيف، فإن هذا ضررٌ على المشتري وفيه مصلحة للبائع، فلما كان هذا العقد دائراً بين حصول ضررٍ على أحدهما منعه الشارع، وهكذا الشأن في سائر العقود التي تشتمل على الغرر وعلى الجهالة. وهذه المسألة من المسائل التي لا يدخلها إسقاط الحق من المتعاقدين؛ لأنهما لو اتفقا على هذا العقد مع إسقاط الغرر إن حصل، أو إسقاط الجهالة إن حصلت؛ يعني: إسقاط مقتضى الغرر، وإسقاط مقتضى الجهالة، فإنهما لا يملكان ذلك فلا يجوز الإسقاط، كما لو اتفق المتبايعان على إسقاط شرط من شروط البيع، فمن المعلوم أن من شروط البيع أن يكون المبيع مباحاً، فإذا اتفقا على أن يكون المبيع مُحرماً، فإن اتفاقهما ليس في محله؛ لأن الشارع هو الذي شرع هذا الشرط، وما كان إنشاؤه من الشارع فإن المُكلف لا يملك إسقاطه، المكلف يملك إسقاط ما ملّكه الشارع إنشاءه؛ ولكن في حدود المصلحة وفي إطار القواعد العامة في الشريعة.

        فالمقصود أن هذا العقد ليس بصحيح، وأن السائل يتجنب مثل ذلك مستقبلاً ويأخذ نقوده من البائع، وإذا أراد أن يُطالبه في نفع هذا المبلغ مدة بقائه عنده، فهذه مسألة خصومة يُرجع فيها إلى الحاكم الشرعي في بلد المدّعي والمدّعى عليه. وبالله التوفيق.