Loader
منذ سنتين

هل يأثم من يتحدث مع أصحاب فكر لا يوافق مبادئ الدين أو يسلّم عليهم؟


الفتوى رقم (11810) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: هل يأثم كل من يتحدث مع أصحاب فكر لا يوافق مبادئ الدين أو يسلّم عليهم أو يستقبلهم، علماً بأنه لا يقبل هذا الفكر لكنهم معه في مجتمعه؟

الجواب:

من المعلوم أن الشخص بطبيعته اجتماعي؛ ولكن هذا الاجتماع الذي سينظم إليه لابد له من التفكير في الأفراد الذين سيجتمع معهم. وتفكيره هذا يتركز على البنية التي يتصف بها هو، والبنية التي يتصف بها هؤلاء الأشخاص الذين يجتمع معهم، فإذا كانت البنية واحدة من حيث الأصل، ومن حيث الكم، ومن حيث الكيف، وكان الأصل والكم والكيف من الأمور الشرعية فإن هذا الاجتماع سيثمر؛ لأن هذه الأمور التي ذكرتها هي عبارة عن أسباب ومسبباتها هي النتائج التي تحصل بينهم؛ ولهذا الرسول ﷺ قال: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فبائع المسك إما أن يحذيك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، وإما أن تشتري منه. ونافخ الكير إما أن تجد منه رائحة كريهة، وإما أن يحرق ثيابك ». وقال ﷺ: « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ».

        أما إذا كان هناك تفاوت من حيث الأصل، أو من حيث الكم، أو من حيث الكيف. وكان الشخص في درجة أعلى ويستطيع أن يؤثر على الآخرين، وأن يبين لهم أن الطريق الذي يسلكونه من حيث الأصل ليس بشرعي؛ بمعنى: إن اقترانه بهم هو من أجل تصحيح الأوضاع التي هم يسيرون عليها وهي أوضاع ليست بشرعية؛ فهذا داخل في عموم قوله ﷺ: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ». وهذا الشخص يستطيع التغيير باللسان.

         أما إذا كان الاجتماع سيؤثر على الشخص سلباً؛ بمعنى: إن المقابل له سيعامله معاملة، ويتكلم معه كلاماً ولا يستطيع أن يقابل بل يكون مستسلماً، وتكون هذه المعاملة وهذا الكلام من الأسباب التي ليست بمشروعة فإنها ستؤثر على هذا الشخص من ناحية إذا قبلها فإنه ستتحول حالته الطيبة إلى حالة سيئة؛ وبالتالي يدخل مع هؤلاء في سلكهم، ويكون فرداً من أفرادهم، وقد يوجّهونه إلى الأغراض التي يريدونها من جهة نشر الفكر الذي يتصفون به.

وعلى كل حال فلابد أن يكون الشخص على بينة من الشخص الذي يريد أن يرتبط به، فإن رأى أن له مصلحة راجحة ودفع مفسدة فإنه يقترن به، وإن رأى أنه لا مصلحة منه من جهة، وأنه ستأتي منه مفاسد، فمن قواعد هذه الشريعة قاعدة سد الذرائع. وبالله التوفيق.