Loader
منذ سنتين

كنت نعم الزوجة لزوجي ولقيت الأذى منه ومن أهله ورفع عليّ دعوى وحكم له القاضي وندمت على كلّ معروف صنعته معهم وأدعو عليهم هل يذهب أجري بسبب الندم والدعاء عليه؟


الفتوى رقم (11381) من المرسلة م.م.م من عمان من الأردن، تقول: تزوجت رجلاً وكنت نعم الزوجة له ولأهله، لم أقصّر في حقه ولا في حق أهله ولا في خدمتهم، رغم الجفاء والتحريض الذي ألقاه منهم عليّ بسبب الغيرة. وهو لا ينجب وآثرته على نفسي حتى جاء يوم وحرّضه أهله على طلاقي، ورفع عليّ دعوى شقاق ونزاع وافترى عليّ الكذب، والله شهيد على ذلك. وبناء عليه حكم له القاضي وأعطاني مبلغاً صغيراً من مؤخر الصداق، فهل ما افتراه عليّ من أجل عدم دفع المهر المؤجل بالنسبة له جائز، مع أني نادمة الآن على كلّ معروف صنعته معه ومع أهله. وأنا أدعو عليه وعلى أهله، فهل يذهب الأجر الماضي بسبب هذا الندم والدعاء عليه؟ وما توجيهكم لهؤلاء وأمثاله؟

الجواب:

        هذه المسألة وهي مسألة ما يقع من الخلاف بين الزوجين. هذا الخلاف قد يكون سببه أي واحد من الزوجين، وقد يكون السبب منهما جميعاً، وقد يكون السبب من أمر خارجي.

        وعندما ينشأ هذا الخلاف فلا بدّ من معرفة السبب الذي من أجله نشأ الخلاف، ويعالج هذا السبب. والله -سبحانه وتعالى- جعل للزوج حقاً، وجعل عليه حقاً؛ وهكذا بالنسبة للمرأة، ولهذا يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[1]، وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[2].

        فكلّ واحد من الزوجين يجب عليه أن يفهم ماله وما عليه، فيؤدي الذي عليه بإحسان إلى المرأة، ويطلب الذي له بمعروف. وعندما يسلك مسلك الإفراط فيطلب أكثر من حقه فهذا لا يجوز له؛ إلا إذا وافقت المرأة عليه هذا إذا كان الإفراط في أمر مباح؛ لكن قد يتعامل الرجل مع المرأة، أو تتعامل المرأة مع الرجل في أمور محرمة، وهذا يكون من باب التفريط وليس من باب الإفراط.

        فواجب على كلّ واحد منهما أن يسير مع الآخر على سَنن العدل.

        هناك أمور من حق الزوج أن يسمح بها، ومن حق الزوجة أن تسمح عنها لزوجها. فلو فرضنا أن شخصاً عنده أكثر من زوجة واتفق مع إحدى الزوجات على ترك ليلتها -مثلاً- ووافقت على ذلك، هذا حق لها تملك إسقاطه، فإذا أسقطته فليس عليه في ذلك إثم.

        وأما بالنظر لكون الرجل عندما تنصرف رغبته عن المرأة، ثم بعد يتعامل معها على سبيل التعسف، وذلك من أجل الوصول إلى مخالعتها كما ذكرت السائلة من جهة أنه تعامل معها تعاملاً سيئاً؛ وذلك من أجل أن يدفع لها جزءاً بسيطاً من مهرها، والباقي يُسقط في مقابله طلاقه لها، فهذا إلجاء منه لها على الخلع، ولا يجوز له أن يفعل ذلك، فكما أن المرأة لا يجوز لها أن تسلك مسلك المضارة لزوجها، فكذلك الرجل لا يجوز أن يسلك مسلك المضارة.

        وأما ما ذكرت السائلة من جهة الدعاء عليه فإذا كان ما ذكرته هو الواقع فهو ظالم، وكونها تدعو عليه بسبب الظلم الذي وقع منه، فهذا دعاء موجه إلى الظلم؛ أما الإحسان الذي سبق منها على زوجها، أو سبق منها على أهله؛ فهذا راجع إلى قوله ﷺ: « إنما الأعمال بالنيات ». ويقول الله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[3] وبالله التوفيق.



[1] من الآية (19) من سورة النساء.

[2] من الآية (228) من سورة البقرة.

[3] الآيتان (7-8) من سورة الزلزلة.