Loader
منذ 3 سنوات

معنى قوله تعالى:"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً"


  • التفسير
  • 2021-06-26
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (780) من المرسل ع.ق سوداني مقيم بالمملكة، يقول: ما معنى قول الله تعالى: "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً"[1]؟

الجواب:

هذه الآية متصلة بالحديث عن فرعون، وقد ذكرها الله من جملة ما ذكره من قصص الماضين وما جرى من رسلهم عليهم من جهة دعوتهم إلى طريق الحق، وما حصل من مواقف الأمم مع الرسل من جهة الطاعة والانقياد؛ وكذلك من جهة المخالفة، وما أوقعه الله من العقوبات على المخالفين، وما أوقعه من الجزاء العادل والنصر المبين لمن أطاع رسله؛ وكذلك بيان بعض المواقف من بعض الأمم مع الله.

ومن جملة الرسل موسى، ومن جملة الذين أرسل إليهم موسى فرعون، فقد أرسله الله ليدعو الناس إلى طريق الحق، واستمرت دعوته لفرعون فترة من الزمن، وقد ذكر الله قصة موسى وفرعون في مواضع متعددة من القرآن، ومن هذه المواضع ما جاء في سورة يونس حيث قال هذه الآية، فإن الله لما حكم على فرعون بالغرق جعل بدنه طافياً على سطح الماء؛ ليكون عبرة للناس الذين غلوا فيه واعتقدوا ألوهيته، وكذلك يفعل الله بمن عصاه، وهذا من آياته الكونية، فكما أن له آيات شرعية بين الأمر والنهي، فالأمر فيه المصالح، والنهي نهي عما يترتب على ارتكاب المنهي عنه من المفاسد؛ فكذلك له آيات كونية يوقعها على من يشاء من عباده؛ لتكون عقوبة لمن وقعت عليه من جهة وعبرة للآخرين.

فبالنسبة لفرعون أنجى الله بدنه، ليكون عظة وعبرة، أما روحه فقد ذهبت إلى النار، وقد ذكر الله ذلك بقوله تعالى: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ"[2] فهم يعرضون على النار، ومنهم إمامهم فرعون يعرضون عليها صباحاً ومساءً؛ يعني: وجبة صباحية من النار، ووجبة مسائية من النار.

وذِكر الله -جلّ وعلا- لهذا العذاب في القرآن فيه -أيضاً- عبرة وعظة للناس؛ لأن القرآن شريعة عامة إلى يوم القيامة، ففيه تنبيه للناس الذين يسلكون مسلكاً مخالفاً لأوامر الله ولنواهيه، فيعصون الله في أوامره لا يفعلون ما أمرهم به، ويخالفونه فيما نهاهم عنه فيفعلون ما نهاهم عنه.

        فعلى العبد أن يتدبر القرآن، وأن يتنبه إلى ما ذكر الله فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد وغير ذلك من الأمور التي أشار إليها، ويبتعد عن كلّ ما يغضب الله بقدر استطاعته، ويسأله الإعانة على ذلك، ويفعل ما أمر الله ويسأله الإعانة على ذلك، ويبتعد عن جميع ما نهى الله عنه، وإذ حسنت نية الإنسان فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (92) من سورة يونس.

[2] الآية (46) من سورة غافر.