Loader
منذ سنتين

قول الله -تبارك وتعالى-: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}، هل يجوز تفسيرها بأن الإنسان هو خليفة الله على هذا المال؟


  • فتاوى
  • 2022-03-06
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11974) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: قول الله -تبارك وتعالى-: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[1]، هل يجوز تفسيرها بأن الإنسان هو خليفة الله على هذا المال؟

الجواب:

الله -سبحانه وتعالى- هو مالك الملك، ومالك كل شيء، ويقول الله -جل وعلا- في الحديث القدسي: « يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منكم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أُلقي في البحر »، فجميع الأرزاق التي بأيدي بني آدم كلها من الله -جل وعلا-، وهو -سبحانه وتعالى- يقول : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[2].

وفيه آيات كثيرة كلها تدل على أن جميع ما في أيدي الخلق إنما هو ملك لله -جل وعلا-، ولهذا جاء في الحديث: «لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسال عن أربع» وذكر منها: «وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه »؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- شرع الوسائل التي تُملك بها الأموال المشروعة، وبيّن الوسائل التي تُملك بها الأموال المحرّمة، فحرّم الوسائل التي تكون طريقًا للأمور المحرّمة، وشرع الأسباب التي تُملك بها الأموال المباحة؛ ولهذا قال الرسول ﷺ: « الحلال بيّنٌ والحرام بيّنٌ وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ».

        ولهذا فالشخص لابد أن يتنبه إلى ناحية مهمة وهي أن يكون كسبه حلالاً، وإنفاقه هذا المال في وجه حلال؛ فإن الناس في هذا المال أربعة أصناف، منهم من يكسبه من وجه حرام وينفقه في وجه حرام فهو مسؤول عن الجهتين، وقد يكسبه من وجه حرام وينفقه في وجه حلال فهو آثم في كسبه، أما إنفاقه فهو أنفق مالاً لا يملكه. وقد يكون يكسب المال من وجه حلال وينفقه في وجه حرام فهو مأجور على كسبه ولكنه آثم في إنفاقه ومعاقب عليه إلا أن يعفو الله عنه، فليحرص العبد على الكسب الحلال؛ وكذلك في الوجوه المشروعة سواء كانت واجبة أو كانت مسنونة. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (7) من سورة الحديد.

[2] الآية (26) من سورة آل عمران.