Loader
منذ 3 سنوات

أيهما أفضل حفظ القرآن أم العلم والتفقه في أمور الدين؟


  • فتاوى
  • 2021-08-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (7158) من المرسلة ر.ك.ش. من درعا- سوريا، تقول: أنا فتاة في الثالثة والعشرين أقرأ بحمد الله كل يوم ما تيسر من القرآن، وأستمع للقرآن عن طريق مسجل، وتمكنت من حفظ بعض السور؛ لكني أحب التفقه في الدين عن طريق قراءة الكتب المفيدة، وسماع البرامج المفيدة من إذاعة القرآن وخاصة برنامج نورٌ على الدرب، أود توجيهي والنصح لي أيهما أولى وأفضل حفظ القرآن أم العلم والتفقه في أمور الدين أحسن الله إليكم؟

الجواب:

        فيه أمورٌ واجبةٌ على الإنسان وجوب عين؛ مثل: تعلم الطهارة والوضوء، والغسل، والتيمم، والمسح على الخفين وما إلى ذلك؛ هذا واجبٌ وجوب عيني؛ وكذلك الصلاة، وكذلك الصيام، وهكذا الحج والعمرة عندما يريد الشخص أن يحج أو يعتمر؛ وهكذا بالنظر إلى الزكاة إذا كان عنده مال، فهذا من الأمور الواجبة وجوباً عينياً، فالواجب وجوباً عينياً على الإنسان أن يتعلمه من أجل أنه إذا عمل يكون عمله موافقاً لما شرعه الله -جل وعلا-، وإلا فإن الشخص قد يعمل العمل ولكن هذا العمل لا يكون موافقاً لشرع الله -جل وعلا-؛ وبالتالي يكون مردوداً على صاحبه، وصاحبه يظن أنه قد أتى بما شرع الله له، ولهذا الرجل المسيء الذي صلى، فقال له الرسول ﷺ: « ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ، ثم رجع فصلى كصلاته الأولى، وجاء وسلم على الرسول ﷺ، قال: ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ! ثم ذهب وصلى وجاء إليه فقال له الرسول ﷺ: ارجع فصلِ فإنك لم تصلِّ ثلاث مرات، بعدما ذلك قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فعلمه الرسول ﷺ كيفية الصلاة"[1]، فالشاهد من هذا الحديث: أن الرجل فعل الصلاة ولكن نظراً إلى أن فعله لم يكن موافقاً لشرع الله -جل وعلا- قال له الرسول ﷺ: « ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ » فنفى اعتبار الصلاة التي وقعت منه مع أن السائل يعتبر أنها هي الصلاة المشروعة في حقه، ففيه فرقٌ بين الإنسان يعمل وبين كون عمله مطابقاً لما شرعه الله -جل وعلا-.

        وبناءً على ذلك فإن هذه المرأة عليها أن تتعلم ما يجب عليها وجوباً عينياً، وكونها تتعلم هذا الشيء لا يمنع من كونها تقرأ القرآن، والقرآن مشتملٌ على ما يزيد عن خمسمائة آية من آيات الأحكام، وبإمكانها أنها تختار كتاباً من كتب التفسير، وتحدد موضوعاً من السورة تعرف بدايته وتعرف نهايته، وتكون هذه الآيات تعالج موضوعاً معيناً فتحدد الموضوع -أولاً- ثم تقرأ تفسيره؛ لأن الشخص الذي يريد أن يفهم القرآن هو محتاجٌ إلى فهم مفرداته، ومحتاجٌ إلى معرفة أسباب النزول؛ وكذلك محتاجٌ إلى معرفة ما في الآية من الأحكام؛ وهكذا وجوه التفسير الأخرى، وهذه الأمور لا تحصل للشخص إلا إذا استوعبها من كتاب تفسيرٍ فأكثر، ثم بعد ذلك بعدما تفهم ما يتعلق بهذه الآيات جملةً وتفصيلاً بعد ذلك بإمكانها أن تشتغل في حفظها، فعلى سبيل المثال: إذا أرادت أن تقرأ سورة البقرة، نجد أن البقرة مشتملة على أربعين موضوعاً، فالموضوع الأول في بيان أقسام الناس من أول السورة إلى قوله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ"[2] فهؤلاء الأصناف الثلاثة من الناس عندما تحدد هذا الموضوع وتقرأ تفسيره باعتبار المفردات، وباعتبار سبب النزول وما يتبع ذلك، وبعد ذلك تشرع في حفظه، وهكذا تنتقل إلى الموضوع الثاني الذي يدل على دعوة الناس عموماً؛ يعني: دعوة هذه الأصناف إلى توحيد الله -جل وعلا-، توحيد الألوهية، أو توحيد الربوبية، أو توحيد الأسماء والصفات: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ"[3] إلى قوله -تعالى-: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ"[4] هذا بداية الموضوع الثالث وهكذا، فتمشي في القرآن على حسب تحديد الموضوعات وفهم الموضوع، وبعد ذلك قراءة هذا الموضوع. وإذا كان الموضوع يشتمل على شيءٍ من الأحكام فإنها تتنبه لذلك. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها(1/152)، رقم(757)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة(1/297)، رقم(397).

[2] من الآية (21) من سورة البقرة.

[3] من الآية (21) من سورة البقرة.

[4]  من الآية (30) من سورة البقرة.