Loader
منذ سنتين

حكم أخذ المال في العمل بغير وجه حق أكثر من مرة لحاجته الماسة إليه ويسدده ويعيده؟


الفتوى رقم (8675) من المرسل م. ق.ع، يقول: أبلغ من العمر ثلاثين سنة أعمل في شركة تجارية يملكها ثلاثة رجال، أعمل فيها محاسباً وأمين صندوق، مرت علي ظروف خاصة وأحتاج إلى المال فوسوس لي الشيطان وأخذت من هذه الأموال بغير وجه حق أكثر من مرة، الآن أبحث عن التوبة مع العلم أني صرفت جميع الأموال في الحلال وفي علاج أحد أفراد أسرتي، وأنا لا أملك المال لإعادته ولا أستطيع طلب العفو والسماح منهم لأنهم يحبون المال كثيراً ولن يسامحوني، وسيطالبون بأموالهم ويسجنوني ويفضحوني أمام أهلي وعشيرتي وفي هذا ضرر كبير علي، مع العلم أني في نيتي إذا حصلت على هذا المبلغ من المال سوف أقوم بتسديده وإعادته دون أي علم لهم، أرجو الإفادة؟

الجواب:

        هذا الشخص جمع بين كونه نائباً عن الجمعية وبين كونه أميناً، ومن قواعد الشريعة الإسلامية أن النيابة في الفقه أن النائب يتصرف في حق من هو نائب عنه فيما كان من مصلحة من هو نائبٌ عنه، ولا يتصرف في أمر يعود عليه بالضرر؛ كناظر الوقف، ووكيل اليتيم، والوكيل في البيع والشراء والتأجير وما إلى ذلك، فلا يجوز له أن يتصرف تصرفاً يكون فيه ضرر على من هو نائبٌ عنه.

        مثل شخص ناظر على وقف، يؤجر هذا الوقف بعشرين ألف، بثلاثين ألف، لكنه يساوي مائة ألف ثم بعد ذلك المستأجر له يؤجره بالإيجار الحقيقي ويكون هذا الناظر له قسم من هذه الأجرة، وهكذا الوصي وما إلى ذلك، وهكذا الإنسان عندما يعطى سلعة ليبيعها وهي تساوي مثلاً ألف يبيعها مثلاً على صديقٍ له بمائة ريال أو مائة وخمسين ريال، المقصود هو أن النائب لا يتصرف إلا فيما كان في مصلحة من هو نائبٌ عنه هذا من ناحية النيابة، وأما من ناحية الأمانة، فلا يجوز لمن كان أميناً أن يخون ولو في مثقال خردلة، فهذا الشخص جمع بين الإخلال في النيابة من جهة وبين الخيانة من جهةٍ أخرى وهذه خيانة في حق مخلوق؛ لأن الخيانة قد تكون في حق الله وقد تكون في حق رسوله وقد تكون في حق نفس الإنسان، وقد تكون في حقوق الناس الآخرين، ولهذا يقول -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}[1].

        وبناءً على ذلك فما عمله هذا الشخص عملٌ محرم، وكان الواجب عليه أن يستأذن من يملك هذا المال، هذا المال أصبح في ذمته والواجب عليه شرعاً أن يعيده إلى أصحابه سواء علموا أنه حقٌ لهم عليه أو لم يعلموا، المهم أنه يعيده إلى مالكه متى استطاع إلى ذلك، وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (27-28) من سورة الأنفال.