Loader
منذ سنتين

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ......}، هل يكون حرث الدنيا من أجل الآخرة؟ وكيف نجمع بين الآية والحديث الذي معناه أن الدنيا مزرعة الآخرة؟


  • فتاوى
  • 2022-02-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11283) من المرسل السابق، يقول: يقول الله -سبحانه وتعالى-: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}[1]، هل يكون حرث الدنيا من أجل الآخرة؟ وكيف نجمع بين الآية وبين الحديث الذي معناه الدنيا مزرعة الآخرة؟

الجواب:

        من المعلوم أن الإنسان في هذه الحياة إما أن تكون أعماله مرضية لله، وإما أن تكون مسخطة لله -جلّ وعلا- هذا بالنظر إلى الأعمال التي يعملها.

        فإذا كانت هذه الأعمال التي يعملها مرضية لله فهذا هو حرث الآخرة، لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[2]، وليس دخول أهل الجنة الجنة من باب الاستحقاق الواجب على الله -جلّ وعلا- لخلقه عليه؛ ولكنه تفضل منه؛ لكونهم أطاعوه في الدنيا. وقد قال ﷺ: « لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: حتى أنت يا رسول الله، قال: حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ».

        فبناء على ذلك: عندما يريد الإنسان أن يقدم على عمل من الأعمال ينظر هل هذا العمل من حرث الآخرة؟ أم أنه من حرث الدنيا؟ لأن حرث الدنيا هو الذي لا يؤجر عليه الإنسان، أو يكون فيه إثم؛ لأنه يعمل أعمالاً هي مباحة من حيث الأصل؛ لكنه لا يؤجر عليها باعتبار الإباحة المطلقة؛ أما الإباحة المقيدة فلها حكمها بحسب القيد الذي يذكر معها.

        وقد يفعل الإنسان الأمور المحرمة، وعلى هذا الأساس يكون قد أثم بهذا فهذا حرثه في الدنيا. فإنسان يتعامل بالربا، يتعامل بالرشوة، يأكل أموال الناس بالباطل، يسرق، يغصب؛ كلّ هذه الأمور من حرث الدنيا.

        فالمقصود أن حرث الآخرة هو ما يرضى الله -جلّ وعلا-، وحرث الدنيا هو ما يسخط الله، فالإنسان ينظر هل الأمور التي يعملها مرضية لله -عزوجل- فهو من حرث الآخرة، أو أن الأعمال التي يعملها تغضب الله -جلّ وعلا- فهي من حرث الدنيا، ولهذا الله -سبحانه وتعالى- قال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)}[3]. وبالله التوفيق.



[1] الآية (20) من سورة الشورى.

[2] من الآية (32) من سورة النحل.

[3] الآيات (18-21) من سورة الإسراء.