Loader
منذ 3 سنوات

حكم شق الثوب أثناء الغضب


  • فتاوى
  • 2021-06-17
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (246) من المرسل السابق، يقول: حصل بيني وبين شخص اختلاف وزعل، وأحضرت ناساً لأجل أن يصالحوا بيننا، ومن شدة الغضب، مسكت ثوبي فشققته، فما الحكم في ذلك؟ هل علي كفارة أم لا؟

 

الجواب:

        جاء رجل إلى الرسول فقال له: أوصني، قال: « لا تغضب »، ثم قال: أوصني، قال: « لا تغضب »، ثم قال: أوصني، قال: « لا تغضب »[1].

        فالشخص قد يوجد له من الأسباب ما يثير غضبه، ولكن ينبغي للمسلم أن يأخذ بالأسباب حتى لا يقع الغضب منه، يتجنب الأسباب ابتداءً، وإذا تجنب الأسباب ابتداءً، ولم يتمكن منها، فإذا وقعت، فليتعاهد نفسه على تحمل هذا الأمر الذي يوجب الغضب، ولهذا يقول الله -جل وعلا-: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)"[2]، والرسول يقول: « وأتبع السيئة الحسنة تمحها »[3]، وهذا عام للإنسان، ولغيره، ويقول الله -جل وعلا-: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"[4]، ولما سئل الإمام أحمد، قال له سائل: كيف أسلم من الناس؟ قال: أحسن إليهم، ولا تطلب منهم أن يحسنوا إليك، وتحمل إساءتهم ولا تسئ إليهم.

        هذا الكلام فيما ينبغي أن يعمله الإنسان، إذا حصلت أسباب تكون موجبة للغضب، أو توقع أن يحصل أسباب.

        أما المسألة الجزئية التي ذكرها السائل في سؤاله، وهي أنه شق ثوبه نتيجة للغضب الذي حصل معه، فإن هذا لا يجوز منه، وعليه أن يستغفر الله، وأن يتوب إليه من هذا العمل، وأن يتحرى مستقبلا، التحمل ما أمكنه ذلك.

        ويقول بعض الحكماء في هذا الموضوع: ثلاثة تعرف في ثلاثة: الشجاعة عند الحرب، والحلم عند الغضب، والكرم عند الحاجة. فلا يعرف الحليم إلا إذا جاءت بوادر الغضب وتحمل هذا الأمر، ولم يبد منه غضب، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب (8/28)، رقم (6116).

[2] الآيات (34، 35) من سورة فصلت.

[3] أخرجه أحمد في مسنده (35/284)، رقم(21354)، والترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس(4/355)، رقم(1987).

[4] الآية (43) من سورة الشورى.