Loader
منذ 3 سنوات

حكم مشاهدة الفيديو، ومتابعة المسلسلات


  • فتاوى
  • 2021-09-08
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1442) من المرسلة السابقة، تقول: ما حكم مشاهدة الفيديو؛ ولا سيما إذا كانت تحب الاطلاع على بعض المسلسلات؟

الجواب:

        الله -جلّ وعلا- وهب الإنسان سمعاً وبصراً وعقلاً، وغير ذلك من الأمور التي تكرم الله -جلّ وعلا- بها على عباده، كما قال -تعالى-:"لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"[1]، ويقول -تعالى-:"إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا"[2]، وكثيراً ما يُنبه القرآن على السمع وعلى البصر وعلى القلب، وهذا التنبيه له فوائد عظيمة، فالشخص عندما يستخدم سمعه قد يستخدمه فيما يُغضب الله -جلّ وعلا-، وقد يستخدمه فيما يرضي الله -جلّ وعلا-، والسمع وسيلة من الوسائل، والأصل في إيجاد هذه الوسيلة أنها تستخدم فيما يرضي الله -جلّ وعلا-؛ كسماع القرآن، وسماع السنة؛ وكذلك سماع المحاضرات والندوات وما إلى ذلك؛ يعني: سماع كلّ ما يعود على الإنسان بالمصلحة؛ أما استخدام السمع فيما يعود على الإنسان بالضرر المحض، أو بالضرر الذي يربو على المصلحة، أو بالضرر المساوي للمصلحة؛ فهذا مخالف لسنة الله الشرعية من جهة، ومخالف لسنة الله الكونية من جهة أخرى.

        ومما يُؤسف له أن كثيراً من الناس أغفلوا هذا الجانب، فصاروا يستغلون سمعهم فيما يُغضب الله -جلّ وعلا-، فلا تجدهم يتلذذون إلا بالغناء وما إلى ذلك، ويضجرون عندما يسمعون القرآن، أو يسمعون حديث رسول الله ﷺ، ولا شك أن هذا يدل على مرضٍ في القلب، وقد جاء هذا المرض نتيجة إخضاع السمع إلى استماع ما لا يُرضي الله -جلّ وعلا-، وهذا باب واسع؛ ولكن وقت البرنامج مختصر وقد اكتفيت بالإشارة بالنسبة للسمع، وهكذا بالنسبة للبصر، فالله -جلّ وعلا- خلق البصر من أجل أن يستعمله الإنسان في النظر في آيات الله -جلّ وعلا- الكونية؛ كما أنه بالنسبة لسمعه يسمع فيه آيات الله الكونية، ويسمع فيه آيات الله الشرعية، فكذلك بالنسبة للبصر يستخدمه في آيات الله الكونية، ويستخدمه في آيات الله الشرعية؛ ولكن إذا نظرنا إلى كثيرٍ من الناس وجدنا أنهم يستخدمون البصر فيما يُغضب الله -جلّ وعلا-، فهم يُسلّطونه على النظر إلى محارم الله -جلّ وعلا-، ولا يصرفونه إلى النظر فيما يرضي الله -جلّ وعلا-.

        وبناءً على ما سبق فإنه لا يجوز أن يستمع أو أن يشاهد ما لا يرضي الله -جلّ وعلا-، لا من المسموعات ولا من المبصرات؛ فعلى كلّ شخصٍ أن يتقي الله في نفسه، فإنه مسؤول عن سمعه وعن بصره، يقول الله -جلّ وعلا-:"الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"[3].

        وقد جاءت أدلة كثيرة في القرآن تدل على أن هذه الجوارح تشهد على الإنسان يوم القيامة، وهذه الأدلة لا بدّ أن يتنبه الإنسان لها، وأن يحاسب نفسه، وأن يستخدم هذه الوسائل فيما يرضي الله -جلّ وعلا-؛ حتى يخرج من تبُعتها بدلاً من أن يستعملها فيما يُغضب الله -جلّ وعلا-، وتشهد عليه يوم القيامة. وبالله التوفيق.



[1] الآية (4) من سورة التين.

[2] الآية (2) من سورة الإنسان.

[3] الآية (65) من سورة يس.