Loader
منذ 3 سنوات

حكم قطيعة الولد لأمه وتفضيل زوجته عليها


  • فتاوى
  • 2021-09-02
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1184) من المرسلة ن.ش.م، من العراق - نينوى، تقول: أنا سيدة، أبلغ من العمر ستين سنة، ولي سبعة أولاد، أكبرهم يبلغ الأربعين من عمره، ومتزوج، وله أطفال، ولكنه لشديد الأسف هجرني، وقاطعني إرضاءً لزوجته، رغم أن طريقه من أمام بيتي، ولكنه يذهب، ويعود دون أن يمرّ علي، رغم اشتياقي إليه، وحناني عليه، وأخشى عليه من الإثم في قطيعته لي، فما حكم فعله هذا، وبم تنصحونه، وهل هو على حق في تفضيله زوجته على أمه؟

الجواب:

أولاً: فعله هذا لا يجوز؛ لأن الله جلَّ وعلا قال:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ"[1]، ففي أول الآية، وهو قوله تعالى:وَقَضَى رَبُّكَ[2] يعني أمر، ووصّى، ثمّ إن الله جلَّ وعلا بعد ما بيّن حقه تعالى، وهو: عبادته وحده لا شريك له، ذكر حقّ الوالدين بعد حقه، يعني وأنه أمر بالبر والإحسان إلى الوالدين، وكونه جلَّ وعلا قرن حقّهما بحقّه، هذا دليل على عِظم حقهما، ثم إنه تعالى قال: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ[3]، يعني هذا من ناحية القول، ولو كان هناك شيءٌ أدنى من التأفيف في القول لنهى عنه جلَّ وعلا، فهذا نهي عن إيذائهما بالأقوال، ثم قال تعالى: وَلَا تَنْهَرْهُمَا[4]، وهو أن نفض يديك في وجه واحدٍ منهما، وهذا دليل على عدم إيذائهما بالأفعال، فالآية فيها النهي عن الإيذاء بالأقوال، وعن الإيذاء بالأفعال، ثم قال تعالى: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا[5]، فهذا دليل على أنه يقول قولاً حسناً بدلاً من القول البذيء، وقال تعالى بعد هذا: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ[6]، هذا من جهة الفعل الحسن، فالله جلَّ وعلا نهى عن إيذائهما بالقول القبيح، وبالفعل القبيح، وأمر بالإحسان إليهما بالقول، والفعل الحسن.

ثانياً: الذي ننصحه به أنه يجب عليه أن يستغفر، وأن يتوب إلى الله مما صدر عنه من التقصير معكِ، وأن يعود إلى رشده، ويقوم بحقك من جهة الزيارة، وغيرها من الحقوق.

ثالثاً: لا يجوز له أن يُفضّل زوجته عليك؛ لأن النبي ﷺ جاءه رجل يسأله عن أولى الناس بصحبته، فقال له: « أمك »، ثم قال: من؟ قال: « أمك » ثم قال: ثم من؟ قال: « أمك » قال ثم من؟قال: « أبوك »، فذكر الأم ثلاث مرات، وذكر الأب مرة واحدة بعد هذه المرات الثلاث، ولم يجر للمرأة ذكرٌ، فهذا دليل على عظم حقّ الوالدين، وأن حقّ الأم أعظم من حق الأب، فلا يجوز للشخص أن يفضِّل زوجته على أمه، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه صعد المنبر فقال: « آمين، آمين، آمين، فسأله الصحابة رضي الله عنهم عن هذا التأمين »، فقال: « أتاني جبريل فقال:رغم أنف امرئ أدركه رمضان فلم يُغفر له، قُل: آمين، فقلت:آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ ذُكِرْتَ عنده فلم يُصل عليك، قُل: آمين، فقلت:آمين، ثم قال:رغم أنف امرئ أدرك أبويه، أو أحدهما فلم يُدخلاه الجنة، قُل: آمين، فقلت:آمين »[7]. فهذا دليل على عظم حق الوالدين، وأنّ حق الأم أبلغ من حق الأب، كما تقدّم في الحديث الذي قبل هذا.

وأما الزوجة، فلها حقٌ، ولكن لا يكون حقّها أعلى من حق الأم، ولا يكون حقها مساوياً لحق الأم، بل يُقام في حقها الشرعي، والأم كذلك يقوم ابنها في حقها الشرعي.

ومما يحسن التنبيه عليه أن هذا الشخص ينبغي لمن علم حاله من جيرانه، أو إخوانه، أو سائر أقاربه أن ينصحوه عن التمادي في هذا، فإنه يُخشى عليه من العقوبة. وبالله التوفيق.



[1] من الآيات (23-24) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (23) من سورة الإسراء.

[3] من الآية (23) من سورة الإسراء..

[4] من الآية (23) من سورة الإسراء.

[5] من الآية (23) من سورة الإسراء.

[6] الآية (24) من سورة الإسراء.

[7] أخرجه البخاري في الأدب المفرد(1/338)، رقم(646)، والبزار في مسنده (10/192)، رقم(4277)، واللفظ له، وابن خزيمة في صحيحه(3/192)، رقم (1888).