Loader
منذ 3 سنوات

نذرت نذراً بشرط وتحقق ذلك الشرط ولم أفِ بنذري، ونذرت كثيراً ولم تف


الفتوى رقم (6471) من المرسل أ.م. من خميس مشيط، يقول: نذرت نذراً بشرط وتحقق ذلك الشرط ولم أفِ بنذري، ونذرت بعدها مرةً ثانية وثالثة ورابعة ولم أفِ منها بشيء، وقد مضى عليها زمن، علماً بأني أقول في كل مرةٍ: نذرت للرحمن إن نجحت في دراستي أن أصلي كذا وكذا عدداً من الركعات، فما الواجب عليّ الآن؟ وما مقدار الواجب عليّ أحسن الله إليكم؟

الجواب:

        النذر نوعٌ من أنواع الواجبات، لأن الواجبات ثلاثة أصناف:

        الصنف الأول: ما أوجبه الله على العبد ابتداءً كالصلاة.

        الصنف الثاني: ما أوجبه الله -جل وعلا- على العبد بسببٍ من العبد، وذلك ككفارة القتل خطأ، وكفارة الظهار، وكفارة اليمين.

        الصنف الثالث: ما أوجبه العبد على نفسه وذلك كالنذر، فإن الشخص إذا نذر فنذره تارةً يكون نذر طاعة، والرسول ﷺ يقول: « من نذر أن يطيع الله فليطعه »، وإذا نذر الشخص على أن يفعل طاعةً مثلاً إذا تحقق له أمرٌ من الأمور؛ فالواجب عليه أن يفي بهذا النذر إذا تحقق له ما علق النذر عليه.

        فهذا الشخص الذي نذر عدة نذورٍ وتحقق له ما أراده، وكانت هذه النذور نذور طاعة، فإن هذا الشخص يجب عليه أن يفي بنذره، فإن الوفاء بالنذر كما أنه واجبٌ من جهة، فإن الوفاء به -أيضاً- من الصفات التي مدح الله -جل وعلا- عباده المؤمنين عليها كما قال -تعالى-: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"[1]، وكان -أيضاً- من صفات الرسول ﷺ، ومن الأمور التي أمر بالوفاء بها. وبالله التوفيق.

        المُذيع: يظهر أن كثيراً من الناس مع الأسف إذا حلّ به ضائقة، أو أصابه هم، أو رغب في أمرٍ معين عمد إلى النذر، هل ترون أن هذا الفعل أساس؟

الشيخ :  أنا ذكرت فيما سبق أن النذر مما يوجبه العبد على نفسه ابتداءً، والله سبحانه وتعالى أوجب الوفاء به إذا كان النذر نذر طاعة، وكان الوفاء به داخل تحت قدرة العبد؛ لأن بعض الناس قد ينذر طاعةً ولكن تكون هذه الطاعة شاقة عليه مشقةٍ خارجةً عن المشقة المعتادة في الشريعة؛ كالشخص الذي ينذر أن يصوم قائماً في الشمس، أو ينذر بأن يصوم خمس سنين، عشر سنين؛ فهذا مشقةٌ خارجةٌ عن المعتاد، فإذا كان ذلك كذلك فإن الشخص الذي نذر أن يصوم قائماً في الشمس يُلغي الوقوف في الشمس؛ لأن هذا ليس بمقصودٍ شرعاً ويُكمل صيامه. والشخص الذي نذر أن يصوم فترةً طويلة؛ مثل: ثلاث سنين، أربع سنين، أو ما إلى ذلك؛ هذا يُكفّر كفارة يمين. أما إذا كان النذر في استطاعته فالشارع لم يوجب عليه أن ينذر، وهذا من رحمة الله وإحسانه بخلقه؛ ولكن العبد هو الذي أدخل نفسه بهذا النذر على سبيل الاختيار، فإذا كان النذر مشروعاً فإنه يفي به عندما يتحقق له المراد. وبالله التوفيق.



[1] الآية (7) من سورة الإنسان.