تعاني من عدم النوم وعرضت نفسها على جميع أقسام الطب وقالوا لعل بها مس وما الصفة الشرعية لصاحب الرقية الشرعية وأيضًا هل الصبر على مثل هذا المرض هو الأفضل؟ أم البحث عن علاج؟ وكيف يكون الصبر على المرض؟
- الرقية من السحر
- 2021-07-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5323) من المرسلة السابقة، تقول: أنا مريضة وحالتي هي عدم النوم أحياناً لا أنام مقدار خمسة أيام، علماً بأنني -والحمد لله- قريبة من الله، وقد كنت عرضت نفسي على جميع أقسام الطب من باطنية وقلب ونفسية وعصبية؛ ولكن جميع الإشاعات والتحاليل أثبتت خلوي -والحمد لله- من أي مرض. بعض الناس قالوا: إذا لم ينجح الطب في العلاج فعليك بالقرآن، ونصحوني بالذهاب إلى شيخ لعله يقرأ عليّ، فربما أكون مصابة بمس من الجن كما قالوا، هل يجوز أن أنفّذ هذه النصيحة؟ وبم تنصحوني؟
الجواب:
الذي يظهر من حال السائلة أنها مصابة بقرين من الجن. والطريقة التي تسلك لزوال هذا الشيء هي الطريقة الشرعية، فإن الله -جلّ وعلا- قال: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"[1], فالقرآن شفاء للأمراض النفسية والعقلية والبدنية والأمراض الدينية أيضاً إذا عمل به الإنسان على الوجه المطلوب؛ وكذلك الأدعية من السنة فقد قال ﷺ: « ما نزل داء إلا له دواء علمه من علمه وجهله من جهله »[2]. وفيه -أيضاً- العسل فإنه يستعمل. وماء زمزم أيضاً، فقد قال الرسول ﷺ: « ماء زمزم لما شرب له »[3].
فعندما تحصل قراءة في عسل، أو تحصل قراءة في ماء زمزم، ويشربه الشخص الذي أصيب بهذا الشيء ويصدق في قراءته وفي دعائه أرجو أن يزيل الله عنه ما حصل به. وبالله التوفيق.
الفتوى رقم (5324) من المذيع، يقول: كثيرون من الذين تلبسوا بالرقية الشرعية؛ لكن بعضهم قد يكون، وقد يكون، كما سمعت في رسالة في حلقة مضت، بعضهم يدخل يده إلى داخل جسد المرأة على صدرها، وبعضهم يمد يده إلى رأسها، ما الصفة الشرعية لصاحب الرقية الشرعية؟
الجواب:
الشخص يقرأ على نفسه ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، والقرآن موجود، والأدعية الشرعية موجودة جمعها العلماء في كتاب: "الطب" من كتب الحديث. وفيه كتب طب متيسرة موجودة فيها الأدعية الشرعية من القرآن ومن السنة، ومن أحسن ذلك ما جاء في كتاب: "زاد المعاد في هدي خير العباد".
فيأخذ الشخص الآيات والأحاديث ويقرأ على نفسه، وإذا كان أمياً لا يحسن ذلك فيقرأ عليه بعض محارمه من الذكور، وإذا تيسر له أحد من النساء من أقاربه تقرأ -أيضاً- على هذا المريض.
وإذا لم يوجد أحدٌ من أقاربه من الذكور ولا من أقاربه من النساء وهو لا يحسن ذلك، فإذا كانت امرأة يمكن أن يقرأ عليها امرأة، وإذا كان رجلاً يمكن أن يقرأ عليه رجل.
أما ما حصل الآن -ومع الأسف- أن بعض الناس اتخذ الرقية على أنها أسلوب من أساليب الاتجار، فيفتح محلاً في جانب بيته ويكون فيه ماء زمزم وأعشاب؛ بحيث إن الشخص يأتي إلى صاحب هذا البيت، وتأتي امرأة ويقرأ عليها وليس بمحرم لها وقد ينفرد بها، وهذا -أيضاً- عمل لا يجوز من ناحية الانفراد؛ بل إذا اضطرت إلى أن يقرأ عليها غير محرمها فإنه يكون معها محرمها حاضراً في مكان القراءة، ويكون الشخص يقرأ آيات وأحاديث واضحة، ولا يكون من المشعوذين الذين يستعملون الشياطين؛ وذلك من أجل أن يدلوهم على مكان السحر أو ما إلى ذلك؛ كلّ هذا لا يجوز.
وبعد ذلك إذا انتهى من القراءة يرشدها إلى المكان الموجود عند بيته ويأخذ أجرته: تشترين ماء زمزم، وتشترين كذا كذا. ويأخذ أجرة الدخول؛ لأن بعضهم يفرض أجرة الدخول خمسين ريالاً، ويأخذ أجرته وبعد ذلك أجرة القراءة ثم قيمة المشتريات، فترجع إلى بيتها وقد خسرت أربعمائة ريال خمسمائة ريال، ثم يطلب منها بعد ذلك أن تأتي غداً وبعد غدٍ حتى يستغلها من الناحية المادية. وهذه الطرق في الحقيقة ليست بالطرق المشروعة، والحكومة -جزاها الله خيراً- قد عملت وتعمل دائبة في سد هذه الأبواب؛ ولكن كثرة الطمع وقوته في نفوس الناس تجعل كثيراً من الناس يقدم على هذا الشيء ويحتاج إلى مراقبة دائمة.
فعلى كل شخص يصاب بشيء يحتاج إلى قراءة، يجب عليه أن يكون بصيراً لمن يقدم عليه من ناحية القراءة عليه. والواجب -أيضاً- على من يقرأ أن يتقي الله ولا يسلك في قراءته إلا المسلك الشرعي حتى يكون مثاباً على هذا العمل من جهة بدلاً أن يكون آثماً من جهة، وأن يأخذ مالاً حراماً من جهة أخرى. وبالله التوفيق.
الفتوى رقم (5325) من المرسلة السابقة، تقول: هل الصبر على مثل هذا المرض هو الأفضل؟ أم البحث عن علاج وأن الله I يجازي الصابرين على المرض؟ وكيف يكون الصبر على المرض؟
الجواب:
الشخص يصاب بأمور تؤثر عليه، وهذه الأمور التي تؤثر عليه قد تكون في بدنه، وقد تكون في ماله، وقد تكون في زوجته، وقد تكون في ولده. والله
-جلّ وعلا- قال:"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)"[4]. وفي الحديث: « إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة »[5].
والشخص مع المصاعب له مقامان:
أما الأول: وهو أعلى المقامين، وهو الرضا بما قدّره الله جل وعلا فيحصل عنده رضا بهذا الشيء.
والمقام الثاني: إذا لم يصل إلى درجة الرضا فإنه يصبر على هذا المرض، ولا شك أن الإنسان إذا حصل عنده رضا فإن لم يتمكن حصل عنده الصبر، فلا شك أن كل واحدة من الدرجتين لها مقامها وثوابها عند الله
-جلّ وعلا-.
وبالنسبة لهذه السائلة هي مصابة بهذا المرض فإذا صبرت واحتسبت فأرجو أن يثيبها الله على ذلك، وقد يزيل الله هذا المرض بسبب ما يحصل عندها من صبر واحتساب الأجر عند الله -جلّ وعلا-؛ فإن الله I قادر على كل شيء. وقد قال ﷺ حينما ذكر افتراق الأمم، وذكر من هذه الأمة ذكر سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، ولما سئل عنهم قال: « وهم الذين لا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون »[6]؛ يعني: إنهم وصلوا إلى درجة الرضا بهذه الأقدار التي وقعت عليهم، فإن لم يصلوا إلى هذه الدرجة يكونون قد صبروا على ذلك واحتسبوا الأجر عند الله -جلّ وعلا-. وبالله التوفيق.
[6] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لا يكتوِ (7/126)، رقم(5705)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة(1/198)، رقم(218)، واللفظ له.