لماذا نعتمد طريقة السلف في فهم أمور الدين العقدية والفقهية؛ ولا نعتمد طريقتهم في التعامل مع المخالف لأصول أهل السنة؛ كالرد عليهم علناً وتحذير الناس منهم
- فتاوى
- 2022-03-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11748) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: لماذا نعتمد طريقة السلف الصالح في فهم جميع أمور الدين العقدية والفقهية؛ سواء في التوحيد، أو في الأقوال في الإثبات وبطلان عقائد الفرق الضالة، ولا نعتمد طريقتهم في التعامل مع المخالف لأصول أهل السنة؛ كالرد عليهم علناً وتحذير الناس منهم، والتشديد عليهم من عدم السلام أو الجلوس أو الأكل، وعدم الاجتماع معهم بحجة تجميع الصف، وعدم تزكيتهم، واعتقاد أنهم أخطر من اليهود والنصارى، فما تعليقكم حول هذا الموضوع أحسن الله إليكم؟
الجواب:
الرسول ﷺ بين أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة قال: « كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ».
ومعلوم أن أصل التشريع هو القرآن، وأن القرآن يبيّن بعضه بعضاً، وأن السنة يبين بعضها بعضاً، وأنها مبينة للقرآن؛ لقول الله -جل وعلا-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية[1]. وقال -جل وعلا-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[2].
والصحابة -رضي الله عنهم- تلقوا القرآن وتلقوا السنة من الرسول ﷺ، ففيه أمور تلقوها من جهة القول، وفيه أمور تلقوها من جهة الفعل. والصحابة -رضي الله عنهم- عندهم علم بلغة العرب من جهة طبيعتهم، والقرآن عربي، والرسول عربي، والصحابة -رضي الله عنهم- فهموا من القرآن وفهموا من الرسول ﷺ على وفق ما هداهم الله إليه من الفهم. وهذه الأمور التي فهموها أخذها التابعون عنهم وأتباع التابعين أخذوها عن التابعين ووصلت إلينا هذه المفاهيم.
ومن المعلوم أن الرسول ﷺ قال: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضو عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ».
والعمدة في هذا الباب هو أن الشخص الذي يستنبط من القرآن أو يستنبط من السنة لابد أن تتوفر فيه جميع الأمور المطلوبة من شخص له النظر في القرآن وفي السنة.
أما بالنظر إلى الأشخاص الذين يرتجلون فهم الآيات أو فهم السنة؛ ولكنهم ليس لديهم علم لا في لغة العرب، ولا في مقاصد الشريعة، ولا في سائر مفاتيح العلوم الأخرى؛ فهؤلاء لا ينبغي أن يعتد بقولهم.
وليس المقصود أن ما فهمه الصحابة هو المحصور من فهم القرآن ومن فهم السنة؛ لأن من قواعد هذه الشريعة أنها عامة، وأنها كاملة، وأنها ثابتة، وأنها شريعة العدل وشريعة الإحسان، وأنها شريعة وسط بين الإفراط والتفريط؛ ولكن لابد من وجود مؤهلين يفهمون القرآن ويفهمون السنة، ويفهمون الجمع بين القرآن وبين السنة. وبالله التوفيق.