Loader
منذ سنتين

الزكاة هل ترسل إلى فقراء بلد المزكي، أم يرسلها إلى جهة تتولى ذلك؟


  • الزكاة
  • 2021-12-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3352) من المرسل السابق يقول: هل عند إخراج الزكاة أرسلها إلى فقراء بلدي لعلمي بهم، أم الأفضل أن أرسلها إلى جهةٍ تتولى ذلك؟

الجواب:

 الزكاة عبادةٌ مالية، لأن العبادات منها ما هو بدنيٌ محض، ومنها ما هو ماليٌ محض، ومنها ما هو مركبٌ من المال والبدن.

فالصلاة والصيام من العبادات البدنية، والزكاة من العبادات المالية، والحج من العبادات المالية البدنية. وهذه حقٌ من حقوق الله -جلّ وعلا-؛ لأنها عبادة، وحقٌ من حقوق الناس؛ لأنها تصرف لهم. والله -جلّ وعلا- هو الذي بيّن مصارفها في سورة براءة في قوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ"[1]. فالشخص إذا كان أصيلاً في دفع الزكاة، يعني: إنه يدفعها عن ماله، أو كان وكيلاً في دفع الزكاة، فعليه أن يتقي الله -جلّ وعلا-، وأن يصرفها في مصارفها الشرعية، ولا يجوز له أن يصرفها من باب المحاباة، فيحابي شخصاً لا يكون من مصارفها. وقد تدفعه العاطفة فيدفعها إلى قريبٍ له غني.

 ففي الحالة الأولى قد يدفعها إلى صديقٍ، وقد يدفعها ليجلب لنفسه بسببها نفعاً؛ المهم أنه لا بدّ أن يصرفها في مصارفها الشرعية، وبعض الناس تغلب عليه العاطفة فيصرفها لأقاربه وهم لا يصلّون، وحينئذٍ يكون قد غلّب العاطفة الفطرية على الدينية. والواجب أن يخرجها حسب ما بيّنه الله -جلّ وعلا-. وبالله التوفيق.

المذيع: إذن ينقلها إلى بلده؟ أو يراعي القواعد التي تفضلتم بها ويصرفها حيثما كان؟

الشيخ: فيه زكاة المال، وفيه زكاة البدن، فزكاة البدن هي الفطرة، فالشخص يخرج زكاة بدنه في البلد الذي هو فيه؛ وأما زكاة المال فإنها متعلقةٌ بالمال.

فإذا فرضنا أن شخصاً له مالٌ في الرياض، ومالٌ في المنطقة الشرقية، ومالٌ في المنطقة الغربية، فإنه يخرج زكاة ما كان في الرياض في فقراء الرياض، وهكذا. وعندما يبحث عن مصارف للزكاة في بلد المال، ولم يتيسر له الحصول على أحد؛ ولكنه يجد في جهةٍ أخرى قريبة من البلد التي فيها المال أشخاصاً يطمئن إلى إعطائهم الزكاة، وهم مستحقون لها. أو من جهة قرابة يجمعون بين الفقر والقرابة؛ ولكن لا تجب نفقتهم عليه؛ لأن من وجبت نفقته على الشخص لا يجوز له أن يصرف الزكاة له.

فأصول الإنسان وفروعه لا يجوز له أن يصرف زكاته إليهم، فمثلاً أبوه، أو أمه، أو أجداده، أو أبناؤه، أو أبناء أبنائه ؛ لأن هؤلاء لو احتاجوا إلى نفقة، فإن نفقتهم واجبةٌ عليه.

فالمقصود أنه لا ينقل الزكاة من بلد المال إلا لمصلحةٍ راجحة، ولا يصرفها لقريبٍ تجب نفقته عليه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (60) من سورة التوبة.