Loader
منذ 3 سنوات

عدم قدرة المنافقين على شرب زمزم


  • فتاوى
  • 2021-07-28
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6645) من المرسل السابق يقول: قرأت حديث: « آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم »[1]، ما معنى الحديث؟ وهل الذي لا يستطيع شرب ماء زمزم يعتبر منافقاً؟

الجواب:

        من المعلوم أن الحسنات والسيئات لها تأثيرٌ بالغٌ على تربية الشخص من جميع الوجوه، ومن ذلك تربية نفسه، فتربية البصر، وتربية السمع، وتربية اللسان، وتربية العقل؛ وكذلك تربية النفس، الحسنات والسيئات مؤثرة عليها فعندما يعمل الإنسان حسنةً يجد سروراً في نفسه، وعندما يعمل السيئات يجد اكتئاباً في نفسه، ولهذا جاء في الحديث: « من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمنٌ »، وفيه نوعٌ من الناس لا يربون أنفسهم تربيةً شرعية؛ بل يربونها تربيةً سيئة فيغذونها بترك الواجبات، ويغذونها بفعل المحرمات، وبذلك لا يكون عندهم تربية لا للسمع ولا للبصر ولا للسان ولا للعقل ولا للنفس ليس عندهم تربيةً حسنة؛ وإنما هي تربيةٌ سيئة، ولهذا يشغلون سمعهم وأبصارهم وألسنتهم وعقولهم، ويشغلون -أيضاً- سائر جوارحهم بما حرم الله -جل وعلا-، وهم على قسمين:

        القسم الأول: من يفعل ذلك علانيةً ولا يُبالي في الناس.

        والقسم الثاني: من يفعل ذلك سراً، ويظهر نفسه أمام الناس على أنه متمسكٌ بدينه ومتقيدٌ به، وهؤلاء قسمان أيضاً:

        القسم الأول: من يكون بلغ درجة الخروج عن الدِّين، وهذا هو النفاق الأكبر.

        القسم الثاني: من يكون دون ذلك، ولهذا جاء في وعيد المنافقين في قوله -تعالى-: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا"[2]، وقال -أيضاً- في الصنف الثاني: « آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر »، وجاءت أدلة دالة على ذكر جملة من كبائر الذنوب بالنظر إلى وجودها من المنافق، هذا الشخص الذي يُربّي نفسه على النفاق لا يكون عنده انقياد للخير كالشخص الذي يربي نفسه تربيةً إسلامية.

        ومن ذلك أن الشخص الذي يربي نفسه تربيةً إسلامية عندما يأتي إلى زمزم يُحس بسرورٍ في نفسه وانشراح، ونتيجةً لذلك يتضلع من زمزم؛ يعني: يشرب منه إلى الحد الذي لا يستطيع الشرب بعده؛ أما الصنف الثاني فهذا عندما يأتي إلى ماء زمزم يحس بكراهيةٍ في نفسه؛ لأن نفسه ربّيت تربية غير شرعية، فيحس كراهيةً في نفسه فيشرب منه قليلاً، أو لا يشرب منه أصلاً.

        وعلى الإنسان أن يختبر نفسه وأن ينظر هل هو من القسم الأول أو من القسم الثاني عندما يأتي إلى ماء زمزم، فإذا كان من القسم الأول فليحمد الله فهذه نعمة، وإذا كان من الثاني فليتب إلى الله وليسأل ربه الهداية والتوفيق والإعانة. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب المناسك، باب الشرب من زمزم(2/1017)، رقم (3061).

[2] الآية (145) من سورة النساء.