Loader
منذ 3 سنوات

حكم استمرار النكاح على امرأة رضع زوجها من زوجة أبيها


الفتوى رقم (460) من المرسل ب.ع. م من حفر الباطن، يقول: عند عمي زوجتان، إحداهما أنجبت بنتاً، وعندما بلغت تزوّجتها، وبعدما أنجبت منها طفلين أبلغتني زوجة عمي الأخرى بأنها أرضعتني أربع رضعات متفرقات. وسؤالي هل تحرم عليّ زوجتي؛ حيث إني سمعت بأن اللبن للرجل؟

الجواب:

أولاً: إن الله ذكر في القرآن المدة التي يرضع فيها المولود، فقال: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"[1]، وجاءت أدلة تدل على بيان عدد الرضاع الذي يحرّم، فثبت عن النبي أنها خمس رضعات[2].

وبناء على ما ورد في القرآن والسنة، إذا كنت قد رضعت من زوجة عمك في الحولين، ورضعت خمس رضعات، فإنك ابن لعمك، وتكون أخاً لابنته، وكون البنت من زوجة عمك التي لم ترضع منها، فهذا لا أثر له، مع العلم أن الطفل إذا مسك الثدي ارتضع منه ثم تركه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر، فهذه رضعة، فإذا عاد إليه فرضعة أخرى، وهكذا حتى يكمل خمساً.

وعلى هذا الأساس: فعلى هذه المرأة مع ولي البنت ومع الزوج الحضور لدى قاضي الجهة التي هم فيها من أجل إثبات الرضاع ووقته وعدده، وبعد ذلك يجري القاضي ما يراه لازماً من إبقاء النكاح، أو من فسخه، وفي حالة فسخ النكاح بناء على أن الرضاع محرّم فالأولاد الذين رزقت بهم منها في المدة التي لم تعلم عن الرضاع هم أولاد لك وأولاد لها؛ لأنك لم تعلم بهذا إلا بعد مجيئهم؛ أما إذا كان الرضاع غير محرّم، فالأمر في ذلك واضح، والنكاح صحيح، وتبقى العلاقة الزوجية بينكما.

ومما يحسن التنبيه عليه أن السائل ذكر أن بعض الناس قال له: إن اللبن للرجل، وهذا من الظواهر الاجتماعية؛ يعني: من الأمور التي يتحدث بها الناس في مجتمعاتهم، وهذا ليس بصحيح؛ لأن الأخوة من الرضاع كالأخوة من النسب، فيكونون أشقاء، ويكونون من أب، ويكونون من أم.

وقد أجمل الله ذلك في سياق ذكره للمحرمات في سورة النساء بقوله: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ"[3].

وجاء -أيضاً- هذا ضمن الدليل العام الذي ذكره الرسول، وهو في الحقيقة تقعيد عام من قواعد باب الرضاعة فقال: « الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة»، وفي رواية أخرى: « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ». وبالله التوفيق.



[1] من الآية (233) من سورة البقرة.

[2] ينظر: صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات(2/1075)، رقم (1452).

[3] من الآية (23) من سورة النساء.