Loader
منذ سنتين

ما تفسير قول الله -تبارك وتعالى-: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}؟


  • فتاوى
  • 2022-02-22
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10221) من المرسلة السابقة، تقول: ما تفسير قول الله -تبارك وتعالى-: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}[1]؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- خلق الجنة طيبة وجعلها منزلاً للطيبين، وخلق النار خبيثة وجعلها منزلاً للخبيثين.

        وبناءً على ذلك فإن طريق الجنة هو العمل بالأسباب المرضية لله -جل وعلا-، وترك الأسباب المغضبة لله -جل وعلا-، وإذا توفرت هذه الأسباب يكون صاحبها داخلاً في مدلول هذه الآية.

        وإذا نظرنا إلى علاقة الناس بهذه الآية، ونظرنا إلى علاقتهم بالله -جل وعلا-، وإلى علاقة بعضهم ببعضٍ، وإلى علاقة الإنسان بنفسه -وجدنا أن الشخص تكون علاقته بالله وثيقة ومستقيمة. ومن الناس من تكون علاقته بالله علاقة سيئة كالمشرك والكافر والمنافق، وقد تكون هذه العلاقة علاقة سيئة إلى أعلى درجة من السوء، وقد تكون العلاقة سيئة بين الشخص وبين الله في حالة ارتكابه لبعض المعاصي. وتكون العلاقة بينه وبين نفسه طيبة في حالة الاستقامة، وسيئة في حالة الانحراف؛ لأن نفسه أمانة في عنقه، ولا يجوز له أن يتصرف فيها إلا في حدود ما شرع الله -جل وعلا-، فنفسه ليست ملكاً له، وإنما هو مؤتمن عليها فهي ملكٌ لله -جل وعلا- خلق الإنسان وشرع له الشريعة، وأمره بأن يتمسك بهذه الشريعة؛ وكذلك بالنظر لعلاقته بالناس فيجب عليه أن يكون مستقيماً مع الناس: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ».

        لكن عندما نأتي إلى الجانب الآخر نجد أن بعض الناس يفتك في بعض، فيستبيح ماله، ويستبيح عرضه، ويستبيح نفسه، ويستبيح عقله، فجميع الفتن الموجودة الآن على وجه الأرض؛ سواءٌ كانت هذه الفتن بين العبد وبين نفسه، أو بين العبد وبعض الأفراد أو بعض الجهات التي لها سلطة، ويكون صاحب هذه السلطة يجري في سلطانه على غير شرع الله -جل وعلا- فقد قال ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        فمن انحرف عن هذا الدين انحرافاً تاماً فهذا إذا مات عليه فمآله إلى النار لأنه خبيث، وإذا استقام استقامة تامة فمآله إلى الجنة لأنه طيب والجنة طيبة، وإذا ارتكب شيئاً من الأمور وتاب قبل الموت تاب الله عليه، وإذا مات وهو مرتكبٌ لشيء من كبائر الذنوب، فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه وأدخله الله الجنة. وعلى الإنسان الاستقامة. وبالله التوفيق.


[1] من الآية (83) من سورة القصص.