ما حكم من تاب ثم عصى ثم تاب ثم عصى ويستمر على ذلك؟
- فتاوى
- 2022-01-09
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (8789) من المرسل ب. م من الجزائر، يقول: ما حكم الذي يتوب ثم يعصي ثم يتوب وهكذا يستمر على هذه الحالة، هل يرضى الله تعالى عن مثل هذا الصنف؟
الجواب:
الإنسان في هذه الحياة يتعامل مع الله جل وعلى، والله جل وعلى مطلع على العبد، يعلم ما في قلبه، ويعلم ما سيكون في قلبه {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ}[1] يعلم السر وأخفى، فالله -جل وعلا- أعلم بالعبد من نفسه، والعبد أعلم بنفسه من غيره، والله -جل وعلا- أرسل الرسل وأنزل الكتب والرسل بلغوا ما أمرهم الله -جل وعلا- بتبليغه، فقامت حجة الله -جل وعلا- على خلقه، ولهذا ذكر الله -جل وعلا- في آخر سورة الزمر: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }[2]، وفي سورة الملك يقول الله -جل وعلا-: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)}[3]، وتجارة الإنسان في هذه الحياة هي العمل الذي يقدمه ويجده عند الله يوم القيامة، فهذه التجارة تارة تكون تجارة رابحة وتارة تكون تجارة خاسرة، والخسران قد يكون خسراناً كلياً؛ كخسارة أصحاب الشرك الأكبر، وأصحاب الشرك الأصغر وأصحاب الشرك الأكبر والكفر الأكبر والنفاق الأكبر، وقد يكون أقل خسارة من ذلك كأصحاب الشرك الأصغر وقد يكون أقل من ذلك كأصحاب كبائر الذنوب كالزنا والسرقة، والشخص عندما يتعامل مع الله -جل وعلا- لا يجوز له أن يتعامل مع الله تعامل المتلاعب؛ لأن الشخص الذي يقترف المعصية ثم يتوب ويرجع إليها مرة ثانية وثالثة ورابعة هذا يكون متلاعب مع الله -جل وعلا-؛ يعني: كأنه في الحقيقة ما تاب؛ لأنه لو صدق في توبته من شروط التوبة ألا يعود إلى هذا العمل، فيتساهل في هذا الباب.
على هذا الشخص وأمثاله من الناس أن يتنبهوا لأنفسهم حتى لا يؤخذ الإنسان من هذه الحياة على غرة فيُختم له بخاتمة سيئة، وبعد ذلك يخسر خسارة لا ربح بعدها، وبالله التوفيق.