Loader
منذ سنتين

كيف تربي أبناءها تربية صالحة وتبعدهم عن رفقاء السوء في ظل غياب أبيهم عن مراقبتهم؟


الفتوى رقم (10802) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أحمل همّ تربية أولادها. كيف تربي أبناءها تربية صالحة وتبعدهم عن رفقاء السوء في ظل غياب أبيهم عن مراقبتهم. تعبت في ظل هذه المغريات؟

الجواب:

        يقول الرسول ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيتها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسؤولٌ عن رعيته؛ ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        ومن المعلوم أن تربية الأولاد -سواءٌ كانوا ذكوراً أو إناثاً- من مسؤولية الأب من جهة، ومن مسؤولية الأم من جهةٍ أخرى. فالأب عليه المسؤولية من ناحية توجيههم التوجيه النافع في التعليم؛ لأن بعض الآباء يغلّب جانب الدنيا على جانب الآخرة في التعليم، وبعض الآباء يغلّب جانب الآخرة على جانب الدنيا، ولهذا يقول الرسول ﷺ: « إن للدنيا بنين وللآخرة بنين فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ».

        ومن المعلوم أن هذه القاعدة متقررة في الشريعة وهي قاعدة تغليب جانب الآخرة على جانب الدنيا ولهذا يقول الله -جل وعلا-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}[1] الآية.

        وبناءً على ذلك فإنه مسؤول عن توجيههم التوجيه الشرعي، ومسؤولٌ عنهم يوم القيامة، ومسؤولٌ عنهم من ناحية النفقة، ومن ناحية الكسوة، ومن ناحية السكنى. الأب يكون في البيت ويكون غائباً وعلى هذا الأساس فالأم مسؤولة في حال غياب الأب؛ وكذلك في حال ظهوره أنه قد لا يكون مُراقباً للأولاد دائماً، فتراقبهم الأم من ناحية البيت، تراقبهم من ناحية أقوالهم، من ناحية أفعالهم، ومن ناحية عدم اعتداء بعضهم على بعض؛ لأن في الغالب أن الكبير من الأولاد يتسلط على من هو أصغر منه؛ وكذلك تشغلهم بما في البيت بما يكون فيه فائدة لهم. وفيه أمر مشترك بين الأم وبين الأب وهو من جهة الوسائل التي يؤتى بها على البيت؛ وبخاصةٍ في هذا الوقت الذي كثُرت فيه وسائل الإعلام، فبعض الناس يأتي بآلاتٍ في البيت ويترك مراقبة أولاده من ناحية استعمالها، وقد يستعملونها فيما حرم الله -جل وعلا- وبخاصةٍ في الأوقات التي يستريح فيها الأب مثل وسط النهار؛ يعني: بين الظهر والعصر، أو في الليل فيحصل من الفساد مالا تحمد عقباه؛ فالواجب هو أن هذه الآلات لا تدخل إلا إذا كانت ستراقب، وكانت ستستعمل فيما أباحه الله -جل وعلا-. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (77) من سورة القصص.