Loader
منذ 3 سنوات

حكم الأب الذي لا يصرف على ابنته منذ كانت صغيرة


الفتوى رقم (6466) من المرسلة ج.ف.هـ. من المدينة المنورة، تقول: أنا فتاة أبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، لي أب لا يصرف عليّ منذ كنت طفلةً صغيرة، وكذلك لا يصرف على أخي الذي يبلغ الآن الثامنة عشرة من عمره، ووالدي قد طلق أمي منذ زمن، وهو يملك مالاً كثيراً، هل هذا الأمر جائز في حقه؟

الجواب:

        هذه المسألة تمثل منهجاً من مناهج بعض الرجال الذين تحصل بينهم وبين بعض زوجاتهم الفرقة، ويكون هذا الزوج له أولاد وعندما تحصل الفرقة بينه وبين زوجته، وقد تكون الزوجة هي السبب، وقد يكون هو السبب، أو أن السبب مشترك؛ يعني: إن كل واحد منهما سبب في بعد الآخر عنه، فينشأ عن ذلك تصورٌ عند الرجل بالانتقام من الأم وذلك بإهمال أولادها منه، لا من جهة النفقة، ولا من جهة الكسوة، ولا من جهة السًكنى، ولا من ناحية التربية والتعليم وما إلى ذلك.

        فالرجل مسؤولٌ عن أولاده، ولا يجوز له أن يُقصّر في حق أولاده مما أوجبه الله عليه نحوهم بقصد الانتقام من الأم؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"[1]، فهذا الأب آثم في عدم قيامه بالحق الواجب عليه من جهة السائلة؛ وكذلك من جهة أخيها، وهذا الكلام يجري على كلّ زوجٍ لم يقم بما يجب عليه من الحق نحو أولاده.

        وبهذه المناسبة فيه منهجٌ آخر يختلف في الصورة عن صور المنهج السابق؛ ولكن فيه اتفاقٌ من ناحية الطريق، ذلك أن الرجل يتزوج زوجةً ويُمضي معها ما شاء الله من الزمن، وتُنجب له أولاداً، ثم بعد ذلك يتزوج زوجةً أخرى، وعندما يتزوج زوجةً أخرى ينصرف عن زوجته الأولى وعن أولادها، فلا يقوم بحق الزوجة، ولا يقوم بحق أولادها.

        وعلى كلّ زوجٍ أن يفهم المسؤولية التي أوجبها الله عليه، وأن يقوم بتأدية هذه المسؤولية بدلاً من أن يتحمل أوزار زوجته وأوزار أولاده؛ فقد يُعاقب في الدنيا بعقوق أولاده له، وقد يُعاقب في الآخرة، وقد يجمع الله له بين العقوبتين: عقوبةً عاجلة وعقوبة آجلة، فإن هذا ظلمٌ والله -جل وعلا- قال في مُحكم كتابه: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"[2]، وفي الحديث القدسي: « إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ». وبالله التوفيق.



[1] من الآية (164) من سورة الأنعام.

[2] من الآية (40) من سورة النساء.