Loader
منذ سنتين

أرشدونا إلى كتب التربية وخاصة ما يتعلق بتربية الأولاد مهمة، وكيف نربي الأبناء؟


الفتوى رقم (11387) من المرسلة أ. ع من السعودية، تقول: كتب التربية وخاصة ما يتعلق بتربية الأولاد مهمة، ونحن في عصر تكالبت فيه علينا وسائل الإفساد والشر، هل لكم أن تذكروا أسماء كتب تبين هذا الأمر، وتحث أيضاً- على الصلاة. وكيف نربي الأبناء؟

الجواب:

        يقول الرسول ﷺ: « ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ».

        فالمرحلة الأولى من مراحل التربية هي مرحلة البيت، ومرحلة البيت تعتمد على الأم وعلى الأب. واعتمادها على الأم وعلى الأب من الناحية العلمية، ومن الناحية العملية، ومن الناحية الكمية، ومن الناحية الكيفية.

        فكلّ واحد من الأم والأب يكون على مستوى المسؤولية من ناحية العلم؛ وكذلك من ناحية العمل بالعلم، ومن ناحية الكيفية التي يسلكها لنقل الناحية العلمية التي عنده والناحية العملية للولد؛ حتى ترسخ الناحية العلمية والناحية العملية؛ وكذلك من ناحية الكم؛ يعني: المقدار الذي يتناسب مع مستوى عمر الطالب.

        ومما يؤسف له أن نرى كثيراً من الأمهات ومن الآباء، يكون السلوك في البيت عشوائياً لا من ناحية العلم، ولا من ناحية العمل، ولا من ناحية الوسائل التي يستخدمها لتربية الولد؛ وكذلك من ناحية المقدار الذي يتناسب مع الولد. وعندما يكون الأب عشوائيا،ً أو يكون الأب فظاً غليظاً، أو يكون سلبياً نهائياً؛ يعني: ليست له علاقة بأولاده؛ فحينئذ تكون هذه المرحلة لم ينجح فيها الطالب حتى ينتقل إلى المرحلة الثانية.

        المرحلة الثانية هي مرحلة المجتمع الذي يعيش فيه، ولهذا يقول بعض الحكماء: "إذا أردت أن تصلح العالم فابدأ بصلاح نفسك؛ فإن العالم مكون من أفراد أنت منهم".

        الولد عندما يدخل المجتمع، هذا المجتمع إذا كان أفراده صالحين، تطور هذا الولد من ناحية الصلاح، لكن إذا كان هذا المجتمع يوجد فيه أمور كثيرة تخالف التربية؛ سواء كانت من ناحية ما أمر الله به، أو من ناحية ما نهى الله عنه؛ فحينئذ ينصبغ هذا الولد في المجتمع يكون فرداً من أفراده، وحينئذ تكون التربية في المجتمع سيئة. والجهة المسؤولة عن المجتمع هي جهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[1].

        والأمر بالمعروف لا يختص بشخص دون آخر، وكذلك النهي عن المنكر، فبمجرد ما تريد أن توصل خيراً إلى غيرك فهذا من المعروف، وبمجرد ما تلاحظ عليه وتنصحه وتقول: هذا العمل الذي تعمله هذا لا يجوز؛ سواء كان من جهة ترك واجب، أو كان من جهة فعل محرم.

        فإذا سلك المجتمع هذا المسلك فيكون من التعاون على البر والتقوى.

        أما إذا كان المجتمع سلبياً كالبيت في بعض الأحوال؛ كما وصف الله اليهود: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[2]؛ فحينئذ يكون هذا المجتمع مجتمعاً سيئاً.

        المرحلة الثالثة وهي مرحلة مهمة وهي مرحلة دور التعليم. ودور التعليم تختلف الدار بحسب العلم الذي يُعّلم. فهذه الدولة -جزاها الله خيراً- قد أسست جهات تعليمية لعلوم الدِّين؛ وكذلك لعلوم الدنيا. والجهات التي تضع فيها علوم الدنيا تجعل فيها جانباً من علوم الدِّين؛ يعني: تضع ما يكون فرض عين على الطالب؛ لكن هذه العلوم التي تضعها -هذه المناهج- هذه المسؤولية واقعة على أعناق المدرسين من ناحية حسن التعليم من جهة، ومن ناحية أن المعلم يكون مظهره العملي مظهراً إسلامياً، فيصدّق ما يقوله للطلاب بالأفعال التي يفعلها؛ أما إذا كان يشرح للطلاب المواد الدينية على أساس أنها مقررة، وأنهم يأخذون عليها درجات وهو مسؤول عن هذا الجانب؛ لكن تجده مخالفاً، تجده مسبلاً، تجده يشرب الدخان، تجده حلق لحيته، وما إلى ذلك.

        وتجد -أيضاً- أنه يستعمل ألفاظاً مع الطلاب بذيئة؛ فحينئذ تكون هذه المرحلة وهي مرحلة التعليم سيئة، فإذا اجتمع سوء التربية في البيت، وسوء التربية في المجتمع، وسوء التربية في مراحل التعليم، كيف يخرج الطالب؟

        لكن عندما تكون التربية في البيت حسنة، وفي المجتمع حسنة؛ وكذلك في مراحل التعليم التي يمر بها الطالب؛ حينئذ يخرج قدوة حسنة في علمه، وقدوة حسنة في العمل في تصديقه؛ كذلك في تعامله مع الناس. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (110) من سورة آل عمران.

[2] الآية (79) من سورة المائدة.