ما تفسير قول الله تبارك وتعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا}؟
- التفسير
- 2022-01-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (8154) من المرسل السابق، يقول: ما تفسير قول الله تبارك وتعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا}[1]؟
الجواب:
هذه الآية جاءت في نوع من الأشخاص في ذلك الوقت، والنفاق والكفر ليسا موقوفَين على الأعراب؛ فكل شخصٍ تحصل منه مخالفة توجب خروجه من الإسلام وردّته عنه، فيحكم عليه بصرف النظر عن كونه أعرابيّاً أو غير أعرابي؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- ليس بينه وبين خلقه نسب، بل العلاقة بين الله وخلقه تكمن في العمل، ولهذا يقول -جل وعلا-: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[2]، ويقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}[3] إلى آخر الآيات.
فالعلاقة بين العبد وربه -جل وعلا- هي العمل؛ فمن كان عمله صالحاً فهو قريب من الله -جل وعلا-، ومن كان عمله طالحاً فإنه بعيدٌ عن الله، ولهذا لما سأل نوحٌ ربَّه نجاةَ ابنه قال له الله: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)}[4]، ونوح معروف بأنه من أولي العزم، ومع هذه المكانة العظيمة قال الله له: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[5]، وقال للرسول ﷺ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[6].
فالمقصود هو ألّا يركز الشخص على شخصٍ معين أو على قبيلة معينة أو على بيتٍ معين، بل إن العلاقة بين العبد وربه هي ما يقدمه العبد إلى الله من أعمال صالحة أو طالحة، فإن كانت صالحةً قربته إلى الله، وإن كانت طالحةً أبعدته عنه، نسأل الله القرب منه، ونعوذ بالله من البعد عنه والسامعين، وبالله التوفيق.