Loader
منذ 3 سنوات

الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال


الفتوى رقم (1844) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما الطريقة الصحيحة التي ننشئ عليها أولادنا منذ الصغر جزاكم الله خيراً؟ « ولقد كنت أسمع حديث سهل بن عبد الله عن وصية خاله محمد بن سوار حينما قال: كنت أنظر إلى صلاة خالي... » إلى آخر الحديث[1].

الجواب:

الطفل ينشأ ويشعر في أيام نشأته بالضعف، ولا يكون مدركاً للأمور كإدراك الكبير، ولهذا نجده يسلك مسلك التقليد لمن هو أكبر منه؛ سواءً من الذكور، أو من الإناث، يقلّد أباه، يقلّد أمه، يقلّد أخاه الذي هو أكبر منه، أو أخته.

 وبناءً على هذا فينبغي التنبه لما نقوله وما نفعله أمام الصغار؛ فإنه ينعكس عليهم، ولهذا لا بدّ من التنبه للفرق بين التربية والتعليم، فإن التعليم هو عبارة عن وضع المعلومات في ذهن الطالب؛ أما التربية فهي تنشئته نشأةً صالحةً تطبيقية؛ بمعنى: إننا نطبّق أمامه الأشياء التي نريد منه أن يفعلها أو يقولها، ونطلب منه أن يطبّقها كما فعلناها نحن أمامه، وإذا دخلنا في أسرةٍ ما من الأسر نجد أن رب الأسرة ينشئ أولاده على الصدق، والعفاف، والتخلّق بالأخلاق الفاضلة، والتقيّد بأوامر الله ونواهيه؛ يعلّمه الأمر، يعلّمه النهي، يبيّن له كيف يطبّق هذا الأمر، وكيف يطبّق هذا النهي. والوالد نفسه قدوةٌ حسنة، ويرعى أولاده رعايةً مستمرة في البيت، وفي الشارع، وفي المدرسة، ينشّئهم على تعلّم كتاب الله -جل وعلا-، وحفظه، وفهمه، والعمل به، وعلى سنة رسول الله ﷺ ، ويستمر معهم في ذلك؛ يأمرهم بالصلاة، ويخرج بولده معه ويعلّمه كيف يصلي، ويراقبه في صلاته هل أخلّ بشيءٍ منها؛ يعني: بإمكانه أنه يفسح له المجال في البيت ليصلي أمامه؛ ليتأكد هل ضبط الصلاة، أو أنه أخلّ بشيء منها.

الأسرة التي يكون قائدها بهذه المثابة تكون أسرة محافظة جمعت بين التربية والتعليم؛ يعني: بالإضافة إلى الدراسات المنهجية التي تدرس الآن من ابتدائي، ومتوسط، وثانوي؛ إلى آخر الدراسات.

وإذا دخلنا إلى أسرة ما أخرى وجدنا أن رب الأسرة لا يصلّي وعنده أولاده، لا يصوم يفطر أمامهم بالنهار، يفعل شيئاً من المحرمات، يشرب الدخان أمامهم؛ لكن قد يأمرهم بالمحافظة ولكن يخالفهم، أو أنه يتركهم لا يأمرهم ولا ينهاهم؛ بهذه الطريقة يكون القائد لهذه الأسرة قد أساء إليها من ناحية التربية، ومن ناحية التعليم أنه ربّى أسرته تربية سيئة؛ لأنهم سيقلدونه إلا من شاء الله منهم، يقلّدونه فيما يحصل منه، ومن ناحية التعليم الذي يتعلمونه خارج المنزل هم لم يستفيدوا منه؛ لأن التربية المنزلية معاكسة لما يتلقّونه من المعلومات، ولهذا الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- قال: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته... » إلى آخر الحديث.

 وعلى هذا الأساس:

الطريقة التي ينبغي أن يسلكها المسلم في أولاده هي أن يجمع لهم بين التربية وبين التعليم:

        فمن جهته هو: يتقِي الله في نفسه يتقيد بفعل الأوامر واجتناب النواهي.

ومن جهة أولاده يتقي الله فيهم، يعلّمهم الأوامر والنواهي، ويراقبهم من ناحية التنفيذ، ويوجّههم إلى العلم النافع والعمل الصالح، ولا مانع أن يستشير من يثق به من أهل العلم عند الحاجة، ويسأل الله -جلّ وعلا- أن يهديه إلى صراطه المستقيم، وأن يوفقه إلى تنشئة أبنائه تنشئة صالحة. وبالله التوفيق.



[1] ينظر: برنامج التجيبي ص(201).