Loader
منذ سنتين

حكم الاحتفال بمولد النبي ﷺ


  • فتاوى
  • 2021-12-22
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4636) من المرسل السابق، يقول: ما حكم الاحتفال بمولد النبي ﷺ، إذ أن الناس يجتمعون فيذكرون الله تعالى ويصلون على النبي ﷺ، ويقرأ للناس في المساجد سيرة الرسول ﷺ من بدايتها إلى نهايتها؟

الجواب:

        الرسول ﷺ من أولي العزم، ومن مميزاته التي ميزها الله بها أنه جعل رسالته عامة للإنس والجن منذ أن أرسله الله إلى أن تقوم الساعة، والله جل وعلا أمر الناس بطاعته وجعل طاعته طاعةً لله جلا وعلا، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}[2]، فطاعة الرسول ﷺ طاعةٌ لله جلا وعلا، ومحبة الرسول ﷺ محبة دينية، هذه طاعةٌ لله جلا وعلا، والله جل وعلا له حقوق، والرسول ﷺ له حقوق، لكن نقل حق من حقوق الله جل وعلا الخاصة به وجعلها للرسول ﷺ أو لأحد من الخلق هذا لا يجوز، ولهذا يقول الله في شأن رسوله ﷺ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[3].

        فوظيفة الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه مبلغٌ عن الله جلا وعلا كما أمره الله جل وعلا، وأنه يسير على المنهج الذي وضعه له الله جلا وعلا له، وأمره بإتباعه.

        فالإنسان الذي يخلط بين حق الله وبين حق رسوله ﷺ فيضع حقاً من حقوق الله إما من توحيد الألوهية، أو من توحيد الربوبية، أو من توحيد الأسماء والصفات، ويجعل ذلك للرسول صلوات الله وسلامه عليه بدعوى أنه يحب رسول الله ﷺ، فهذا عملٌ لا يجوز، وليست هذه المحبة من المحبة الدينية ولكنها محبة شركية، لماذا؟ لأنه أشرك الرسول ﷺ مع ربه، والله جلا وعلا واحدٌ أحد فردٌ صمد، ولهذا إذا نظرنا إلى تصرف الله في خلقه وجدنا أن هذا ظاهرٌ في آياته، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه حينما وقف موقفاً وقال للحاضرين: « لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به، فقام رجل فقال: يا رسول الله أين أبي؟ قال له: أبوك في النار، فتغير وجهه، فلما تغير وجهه، قال: إن أبي وأباك في النار ». والرسول ﷺ أشرف الخلق على الإطلاق، ومع ذلك صار أبوه في النار فما نفع أباه، والرسول ﷺ قال: « استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي »، فهذا رسول الله ﷺ، أشرف الخلق على الإطلاق ومع ذلك لم يأذن له ربه أن يستغفر لأمه.

        وإذا نظرنا إلى زوجة نوح وجدناها كافرة ومع ذلك لم ينفعها، وإذا نظرنا إلى زوجة لوط وجدنا أيضاً أنه لم ينفعها، وإذا نظرنا إلى زوجة فرعون وجدنا أنها مؤمنة وأنها لم تنفعه، وهكذا إذا نظر الإنسان في آيات الله جلا وعلا.

        فعلى العبد أن يعرف لربه حقه وأن يعطيه حقه، وأن لا يصرف شيئاً من حقوقه إلى أحدٍ من خلقه بدعوى أنه يحبه، وعليه أيضا اًن يعرف حق رسوله ﷺ ويعطيه حقه

        أما ما يفعله الناس من الأمور المبتدعة في مولد الرسول ﷺ، فالرسول ﷺ لم يفعل ذلك بنفسه، وأبو بكر -رضي الله عنه- يصفه الرسول ﷺ يقول: « لو وُزن إيمان أبي بكرٍ بإيمان أهل الأرض لرجح »، ولما توفي الرسول ﷺ لم يقم مولدا له، وعمر يقول الرسول ﷺ في وصفه: « لو سلك بن الخطاب واديا لسلك الشيطان وادياً آخر »، ولما توفي الرسول ﷺ لم يقم له مولداً عند تمام سنة وفاته. وهكذا عمر وهكذا عثمان وهكذا سائر جميع القرون المفضلة، وإنما ابتدعت بدعة المولد متأخرة فلا يجوز للإنسان أن يتقرب لله إلا بما يحبه ويرضاه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (92) من سورة المائدة.

[2] من الآية (59) من سورة النساء.

[3] الآيات (44-47) من سورة الحاقة.