Loader
منذ سنتين

حكم من لم تتزوج وتكون في عزلة عن الناس


الفتوى رقم (7759) من المرسلة السابقة، تقول: أنا من عائلة كبيرة وفقيرة، ووالدتي تنزعج مني عندما تراني وحدي في يومٍ من الأيام، تقول: إنكِ مجنونة وأحياناً تقول لي: فلانة تزوجت وفلانة تزوجت وأنتِ إلى الآن لم تتزوجي. وأنا حائرة في أمري، ماذا أفعل أحسن الله إليكم؟

الجواب:

        إذا تقدم لكِ من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فهذا أمرٌ مشروعٌ لك، لأن الرسول ﷺ قال: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء ». والبنت -أيضاً- إذا يسر الله لها من يتقدم لها كما في قوله ﷺ: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير »، فإذا جاء من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فإنها توافق عليه ؛ لأن الزواج من سنن المرسلين، هذا من جهة. ومن جهةٍ ثانية هو أمرٌ فطري لا بدّ للمرأة من زوج، ولابد للزوج من امرأة، ولهذا يقول ﷺ: « مسكين رجلٌ بلا امرأة، مسكين رجلٌ بلا امرأة، مسكين رجلٌ بلا امرأة، مسكينةٌ امرأةٌ بلا رجلٍ، مسكينةٌ امرأةٌ بلا رجلٍ، مسكينةٌ امرأةٌ بلا رجلٍ »، وهذا من جهة.

        ومن جهةٍ ثانية لا ينبغي للمرأة أو الرجل أن يستعمل الانعزال بصفةٍ دائمة؛ لكن يختلط بالناس ويكون اختلاطه مع أهل الخير، لا يكون اختلاطه مع أناس يأتيه منهم سوء، فتختلط المرأة مع النساء، ويختلط الرجل مع الرجال؛ أما كونه الرجل ينفرد والمرأة تنفرد فهذا الانفراد قد يُحدث له أمراض نفسية؛ وبالتالي يحصل عنده تعقيد في نفسه، ويهرب من المجتمع، ويقضي ذلك على حياته، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[1]، فكما أن الإنسان لا يلقي بنفسه إلى التهلكة من جهة الغاية، فكذلك لا يُلقي بنفسه إلى التهلكة من جهة الوسيلة؛ لأن من القواعد المقررة في الشريعة أن الوسائل لها حكم الغايات. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (195) من سورة البقرة.