كيف العصمة من الفتن التي بدأت تظهر في المجتمعات وأصبح الإنسان في حيرة منها؟
- فتاوى
- 2022-02-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11145) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: كيف العصمة من الفتن التي بدأت تظهر في المجتمعات وأصبح الإنسان في حيرة منها؟
الجواب:
لا شك أن الحوادث المخالفة للشريعة تحدث تدريجياً، ولهذا الرسول ﷺ يقول: « بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس » وفي رواية: « يُصلحون ما أفسد الناس ».
وهذه الأمور المخالفة للشريعة لا يدركها إلا من يكون عنده علم من جهة وبصيرة من جهة أخرى، ولهذا يقول الرسول ﷺ: « إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة »، قالوا: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: « إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة »[1]، ويقول في حديث آخر: « إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال ولكن بموت أهله حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهال، فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا »[2].
فلا بدّ أن الشخص الذي ينظر في هذه الفتن أن يكون على معرفة كافية في تمييز أن هذا الأمر الذي حدث أنه أمر منكر حسبما يدل عليه القرآن، وما تدل عليه سنة الرسول ﷺ، ويدل عليه تطبيق الصحابة وتطبيق التابعين؛ يعني: القرون المفضلة.
فعندما يكون الأمر الذي حدث مخالفاً للقرآن والسنة، وأيضاً مخالفاً لعمل الصحابة وعمل التابعين، لا شك أن هذا يكون فتنة، ولا بدّ من تغييره قدر الاستطاعة إذا كان الإنسان يستطيع التغيير باليد أو باللسان كأهل العلم. وإذا كان لا يستطيع لا بهذا ولا هذا فالواجب عليه أن ينكر في قلبه، لكن لا يجوز له أن ينكر إلا إذا كان على معرفة كافية بأن هذا الأمر منكر.
فالشخص عندما يسمع من بعض الأشخاص أنه يقرر شيئاً ويجعله حلالاً مع أن أدلة القرآن وأدلة السنة تدل على أن هذا الأمر خلاف ما قاله هذا الشخص، أو مثلاً يحرم -لأنه قد يحلل أو يحرم-؛ ولكنه لا يكون على بصيرة من التحليل والتحريم. والله -سبحانه وتعالى- يقول لنبيه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[3]، ويقول: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[4]، {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} إلى أن قال: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[5] فالإنسان الذي يتكلم في هذه الشريعة هو ينسب ذلك إلى الله -جلّ وعلا-، فلا بدّ أن يكون على مستوى فيه كفاية. وبالله التوفيق.
[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم(1/31)، رقم (100)، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان(4/2058)، رقم(2673).