Loader
منذ سنتين

توجيه كلمة إرشادية للمعلمين والمعلمات وتذكيرهم بتقوى الله -جل وعلا- ومراقبته؟


  • فتاوى
  • 2022-01-29
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (9697) من المرسلة أ.ج.ح من جدة، تقول: أرجو يا فضيلة الشيخ توجيه كلمة إرشادية للمعلمين والمعلمات وتذكيرهم بتقوى الله -جل وعلا- ومراقبته.

الجواب:

        يقول الله -تعالى- في سورة الأحزاب: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[1]، ويقول -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[2]، ويقول ﷺ: « أدِ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ».

        وكل شخص جعله الله أميناً على عمله، وقصدْتُ من كلمة أميناً من جهة التشريع، وبما أنه أمينٌ من جهة التشريع فواجبٌ عليه أن يكون أميناً من ناحية التطبيق، وعندما يختلف تطبيقه عن الأمانة التي تحملها فإنه يكون خائناً لهذه الأمانة. والتعليم هو جانب من الجوانب المتعلقة بالأمانة بدءاً من الشخص الأول المسؤول عن التعليم وانتهاء بالمدرس؛ هذا من جانب.

ومن جانبٍ آخر المشرفون على التعليم، ومن جانبٍ رابع الطلاب الذين يتلقون التعليم، ومن جانب خامس الذين يضعون المناهج من ناحية التعليم.

        فكل جانب من هذه الجوانب هو أمين فيما ولاه الله عليه، وسيسأله عن أداء هذه الأمانة: « لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن ماله من أين جمعه وفيم أنفقه، وعن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن علمه فيم عمل به ».

        فالشخص يكون مؤتمناً، ينفق فترة من حياته، هذه الفترة يكون أميناً على أداء عمل ما من الأعمال ومن ذلك أداء مسؤولية التعليم؛ سواءٌ كان الأداء إدارياً، أو كان الأداء تعليمياً.

        وكل شخص مسؤول عن هذه الأمانة فيما بينه وبين الله، فإن الله -سبحانه وتعالى- سيسأله يوم القيامة كما سبق. وفي الحديث الآخر: « ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان »، وكونه يكلمه -جل وعلا- أنه يقص عليه جميع ما حصل منه من مخالفاتٍ في سير حياته؛ سواءٌ كانت هذه المخالفات في باب الواجبات، أو كانت هذه المخالفات في باب المحرمات، فإذا ترك واجباً هو مؤتمنٌ عليه أو فعل محرماً هو مؤتمنٌ على تركه فإن الله سيسأله عن ذلك، ويتبين بعد السؤال أنه أمين أو أنه خائن، وقد يندم في ذلك الوقت؛ ولكن إذا ندم في ذلك الوقت فإن الندامة لا تنفعه.

        وبناءً على جميع ما تقدم فكل مسؤول عن التعليم: تعليمياً، أو إدارياً، أو تعلماً، أو أيضاً من ناحية وضع المناهج، أو ما إلى ذلك من جميع ما يتعلق بالتعليم، فعلى كل مسؤول أن يتقي الله وأن يفهم مسؤوليته أولاً، وأن يؤديها على الوجه الذي يُرضي ربه، وإن لم يفعل ذلك فإنه خائنٌ من جهة، وغاشٌ لنفسه، وغاشٌ لمن هو أمينٌ عليه ولما هو أمينٌ عليه، فقد يكون أميناً على أشخاصٍ، وقد يكون أميناً على أداء مادةٍ علمية، وقد يكون أميناً على وضع نظام إداري، وقد يكون مشرفاً على التنفيذ، فكل واحدٍ من هؤلاء عليه أن يفهم مسؤوليته وأن يؤديها على الوجه الأكمل.

        وهكذا بالنظر للطلاب من ناحية التلقي، ومن ناحية الغش في أداء الامتحانات، فإن بعض الطلاب وقد يوجد بعض المدرسين يسلكون هذا المسلك؛ يعني: يسلكون الغش حتى أنه وُجد بعض الأشخاص يبيعون الأسئلة على بعض الطلاب.

        فالمقصود أنه لا يجوز للمدرس أن يغش، ولا يجوز للطالب أن يغش؛ لأن غشه هذا مخالف للأمانة، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « من غشنا فليس منا ».

        وهكذا بالنظر إذا اطلع شخص على شخص خائن في أمانته، فإنه يجب عليه أن يبلّغ من تكون له سلطة عليه حتى يعاقبه بما يستحقه؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى؛ أما السكوت فإنه تعاون على الإثم والعدوان. وبالله التوفيق.



[1] الآية (72) من سورة الأحزاب.

[2] من الآية (58) من سورة النساء.