ما حلاوة الإيمان، وما شروطها؟
- فتاوى
- 2021-07-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5369) من المرسل أ. ع، يقول: ما حلاوة الإيمان، وما شروطها؟
الجواب:
نزل جبريل على الرسول ﷺ بصورة أعرابي فجلس عنده جمع من الصحابة فسأله عن الإحسان، فقال الرسول ﷺ: « الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت، قال: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. قال: صدقت. ثم سأله قال: ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. قال له: صدقت، الحديث، قالوا: فعجبنا له يسأله ويصدّقه ».
فهذا فيه بيان مراتب الناس: مرتبة الإحسان، ومرتبة الإيمان، ومرتبة الإسلام؛ يعني: فيه بيان أركان الإحسان، وأركان الإيمان، وأركان الإسلام، هذا من جهة التشريع.
وفيه أمور شرعها الله -جلّ وعلا- شرعها تفصيلاً، وفيه أمور نهى عنها تفصيلاً في القرآن، وفيه أمور أمر بها الرسول ﷺ تفصيلاً، وأمورٌ نهى عنها الرسول ﷺ تفصيلاً هذا من جهة التشريع.
وموقف الشخص من هذه الأمور التشريعية أن يتعلمها أولاً، وبعد ذلك يعمل بها ثانياً، والأمور موجودةٌ في القرآن وموجودةٌ في السنة؛ يعني: الاطلاع عليها متيسرٌ. وكلّ شخصٍ في هذه الحياة له نصيبٌ من هذه الشريعة بقدر ما هو مكلفٌ به، ففيه تكاليفٌ مشتركة كالإيمان بالله وما إلى ذلك؛ وكذلك الطهارة والصلاة والزكاة إذا كان عند الإنسان مالٌ مثلاً وهكذا، وكذلك الأمور المنهي عنها؛ مثل: النهي عن الزنا، وقتل النفس بغير حقٍ، والسرقة، وما إلى ذلك من الأمور؛ هذه أمورٌ تكون مشتركة. وفيه مسؤولياتٌ خاصة على حسب الشخص؛ لأن الشخص قد يكون غير مسؤولٍ، لا يكون متحملاً مسؤولية، وقد يكون متحملاً مسؤولية بالإضافة إلى الأمور المشتركة بينه وبين غيره المسلمين.
فمثلاً ولاية القضاء هذه تكون مسؤولية على هذا الشخص الذي تولاه؛ أما الشخص الذي لم يتولَّ القضاء لا تكون عليه هذه المسؤولية.
وغرضي من هذا هو أن كلّ شخص عليه مسؤولية يكون مسؤولاً عن أداء هذه المسؤولية، كما أنه مسؤولٌ عن معرفتها قبل ذلك، ولهذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: « تفقهوا قبل أن تسودوا ». وبناءً على ذلك فإن الله I خلق الإنسان على فطرة الإيمان، وهذه الأمور تكون مغذية لهذه الفطرة؛ فإذا كانت الفطرة سليمةً، وكان الغذاء الذي يأتيها سليماً، ولم يتغذَّ بشيءٍ يكون مخالفاً لها؛ فيجد الإنسان حلاوة الإيمان؛ وذلك بسب تأديته لما أمره الله به وما نهاه عنه.
أما إذا كان العكس وهو أن الشخص يحصل منه خللٌ في أداء الواجبات، يحصل منه خللٌ بارتكاب ما حرم الله -جلّ وعلا-؛ فمثلاً يترك الصلاة أو يتهاون بها، أو يترك صيام رمضان أو يتهاون به؛ أو يترك زكاة ماله أو يتهاون في أدائها، أو يفعل الزنا، أو يشرب الخمر، أو يظلم الناس، أو يأخذ الرشوة، أو غير ذلك من الأمور؛ فلا شك أن هذه مؤثرة على هذه الفطرة. فالشخص لا يجد حلاوة الإيمان مع هذه المخالفات، فالذي يغذّي هذه الحلاوة هو اتباع الأوامر واجتنب النواهي، وعندما يتحقق ذلك توجد هذه الحلاوة ويحس بها الإنسان. وكثيرُ من الناس السابقين كانوا يتلذذون بقراءة القرآن، يتلذذون بالصيام، يتلذذون الصلاة وبخاصة في السجود؛ وهكذا يتلذذون بسائر الأعمال الصالحة الأخرى، وينفرون عن الأمور التي لا ترضي الله -جلّ وعلا-؛ فعلى العبد أن ينظر في المخصَّص له والمكلف به، وينظر إلى مدى معرفته لهذا الشيء الذي كُلف به، وينظر -أيضاً- إلى مدى تطبيقه لهذا الشيء الذي كلف به، فإذا كان قد فهمه وأدّاه على الوجه المشروع فإنه سيجد حلاوة الإيمان؛ أما إذا لم يجد حلاوة الإيمان فعليه أن يفتش؛ لأن فقده للحلاوة يكون ناشئاً عن وجود أمورٍ ارتكبها، وبارتكابها نشأ عن ذلك عدم وجود حلاوة الإيمان في قلبه. وبالله التوفيق.