Loader
منذ 3 سنوات

حكم من يقسو على أولاده لدرجة التهديد بالطرد من خارج البيت


الفتوى رقم (5349) من المرسل ص. ف، يقول: ما حكم من يقسو على أولاده لدرجة التهديد بالطرد من خارج البيت؟

الجواب:

        يقول الرسول ﷺ: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... »، وذكر أن « الرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته » وممن يكون في داخل بيته أولاده، فهو مسؤول عنهم من جهة نفقتهم وكسوتهم وسكناهم ومن جهة تربيتهم.

        والشاب تكون عنده تصورات وانطلاقات لا تكون عند الشخص المتقدم في السن، ولا ينبغي على الأب أن يقيس حاله بعدما بلغ خمسين سنة أو ستين سنة أو أكثر من ذلك أو دون ذلك؛ ولكنه صار أباً، لا ينبغي له أن يقيس حاله بحال ابنه، فيطلب من ابنه أن يكون على وضع كالوضع الذي يكون عليه الأب؛ ولهذا جاء في الحديث: « إن الله يعجب من شاب ليست له صبوة »[1].

        وبناءً على ذلك فالولد أمام أبيه كالمريض مع الطبيب، والأب مع الولد كالطبيب مع المريض، فيتحسس جوانب الكمال في الولد وينمّيها بالتشجيع والثناء على الولد، وينظر في جوانب النقص قد يكون النقص من ناحية الصلاح -أي العبادة -فيعالجه، وقد يكون النقص في الدراسة فيعالجه، وقد يكون النقص من جهة قضاء بعض فراغ الوقت مع أشخاص غير محمودي الأخلاق فيعالج هذا الجانب؛ وذلك بإيجاد شغل لهذا الولد يشغله عن الذهاب مع هؤلاء. وقد يذهب معهم بالنظر إلى أنهم يغنونه مادياً، فالأب يعالج هذه الناحية بتوفير ما يحتاجه إليه هذا الولد من الناحية المالية حتى لا يذهب مع هؤلاء يفسدون أخلاقه.

        أما كون أن الأب يقسو على الولد قسوة قد تنفره من البيت؛ فهذه تزيد الولد نفرة من جهة وبعد ذلك تتلقفه الأيدي الشيطانية من شياطين الإنس ويسخّرونه لما يريدونه من الأمور التي حرمها الله. وبعد ذلك يخسر الولد نفسه، وتخسره أسرته، ويخسره المجتمع، وهذه مفاسد عظيمة. يجب على الوالد أن ينظر إلى أولاده ويحرص على ربطهم به بجميع الوسائل التي توثقهم به. ومن القواعد المقررة في الشريعة أنه يجوز ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، ويجوز تفويت إحدى المصلحتين لجلب أعلاهما؛ فينبغي على الوالد أن ينظر إلى ذلك. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أحمد في مسنده(28/600)، رقم(17370).