Loader
منذ سنتين

الأسباب التي تعين على خشوع القلب في العبادات خاصة في الصلاة


  • فتاوى
  • 2022-02-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10467) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: كيف أستعين بالأسباب التي تعينني على خشوع القلب في العبادات خاصة في أمر الصلاة؟

الجواب:

        من المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بأمور على سبيل الوجوب، وأمر ونهى عن أمورٍ على سبيل التحريم، وأمر بأمور على سبيل الندب، ونهى عن أمور على سبيل الكراهة.

        والذي يعمر القلب هو فعل الأوامر واجتناب النواهي، فيفعل الشخص ما أمره الله به، ويترك ما نهاه الله عنه، وعندما يعمل الشخص طاعةً فإن هذه الطاعة تزيد في نور القلب، وإذا ترك هذه الطاعة فإنها تنشئ ظلمةً في القلب؛ وهكذا بالنظر إلى باب المحرمات عندما يفعل الإنسان الأمر المحرم ينشئ ظلمةً في القلب، وإذا ترك المعصية لوجه الله -جل وعلا- فإن ترك هذه المعصية لوجه الله تزيد القلب نوراً فإذن ظلمة القلب تنشأ من ترك الواجبات ومن فعل المحرمات. ونور القلب وازدياد هذا النور يكون بفعل الواجبات وبترك المحرمات.

        وعندما يريد الشخص تقوية هذا النور بدرجةٍ أعلى من هذه الدرجة؛ فإنه يفعل المندوبات ويترك المكروهات، ويترك الأمور المشتبهة بقوله ﷺ: « دع ما يريبك إلى مالا يريبك » وقوله ﷺ: « الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى؛ ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ».

        فبمجرد ما يحصل عند الإنسان نقص في خشوعه فإن ذلك راجع إلى ارتكابه شيئاً من المعاصي. ومن الأمور المهمة التي يجب التنبيه عليها في هذا المقام هو مسألة المكاسب؛ لأن بعض الناس يتساهل في المكاسب وقصدي بذلك رب الأسرة فتجده يتعامل بأخذ الرشوة، أو يتعامل بالغش التجاري بأي وجه من وجوه الغش، أو يتعامل بالربا، أو يتعامل بالتدليس في كثير من الأمور من ناحية السلع. وبناءً على ذلك فلا بد أن يتأكد الشخص من الكسب الذي يكسبه؛ لأن الناس في الكسب والإنفاق على وجوه أربعة:

        الوجه الأول: من يكسب المال من وجه حلال وينفقه في وجه حلال؛ فهذا مأجور على كسبه وعلى إنفاقه.

        الوجه الثاني: ومنهم من يكسب المال من وجه حرام وينفقه في وجه حرام؛ فهذا آثم في كسبه وآثم في إنفاقه.

        والوجه الثالث: من يكسب المال من وجه حلال ولكنه ينفقه في وجه حرام، فهذا مأجور على كسبه ولكنه آثم في إنفاق.

        والوجه الرابع: يكسب المال من وجه حرام ولكنه ينفقه في وجه حلال، فهو آثم في كسبه وغير مأجور على إنفاقه؛ لأنه في الحقيقة لا يدخل تحت الملك؛ وإنما إخراجه من أجل أن يتنزّه عنه.

        فنصيحتي لجميع الأشخاص الذين يكون لهم ولاية على أحد؛ وكذلك ولايته على نفسه أن يحرص على الكسب الطيّب فإن الله طيّب لا يقبل إلا طيباً والرسول ﷺ ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام فأنى يستجاب لذلك أو فأنى يُستجاب له"! وهذا فيه دليل على أن الكسب المحرم مانع من قبول الدعاء، فعلى الإنسان أن يتنبه لذلك. وكما ذكرت قبل قليل إذا حصل عليه في خشوعه في صلاته فعليه أن يتنبه ما هو السبب الذي نشأ عنه هذا النقص ويعالج هذا السبب. وبالله التوفيق.