Loader
منذ 3 سنوات

حكم الأكل والشرب في من يشك في ماله أنه حرام


الفتوى رقم (6703) من المرسل ق.ا.م. سوداني مقيم في عفيف، يقول: أنا تاجر ثروة حيوانية ومعي أحد الأصدقاء في العمل لا تربطني معه أي علاقة إلا في بعض السفريات آكل وأشرب معه، مع العلم أني أشك في دخله، دائماً يزيد في السعر في حالة الشراء يقسم أنه يشتري بالسعر وهو غير السعر الحقيقي، وهو يزيد السعر دائماً ويحلف على ذلك هل أكلي وشربي معه حلال أم حرام؟

الجواب:

        من المعلوم أن طيب الطعام وطيب اللباس من أسباب قبول الدعاء، ومن أسباب -أيضاً- قبول الأعمال التي يرتبط بها ذلك. والرسول ﷺ يقول:« دع ما يريبك إلى ما لا يربيك » فإذا كنت أنت تتعامل معاملةً شرعية في بيعك وشرائك وتشك في هذا الشخص، وقد ظهرت لك بعض الأدلة أنه يحلف أنه اشترى هذه السلعة بهذا الثمن وهو قد اشتراها بأقل من ذلك؛ فهذا قد ارتكب أمرين عظيمين:

        الأول: أنه حالفٌ بالله كاذبٌ، وتكرر ذلك منه دليل على ضعف إيمانه، ودليلٌ على استهانته بالله -جل وعلا-، ودليلٌ على أن حب الدنيا عنده مقدم على محبة الله -جل وعلا-.

        والثاني: أن الرسول ﷺ قال: « يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك »[1]، فهذا الشخص الذي يريد أن يشتري السلعة يرضى لقوله ﷺ: « من حُلف له بالله فليرضَ، ومن لم يرضَ فليس من الله »[2].

        فيكون بعد ذلك قد اكتسب هذا المال لأنه قد يبيعه يقول: أنا مشتريه بهذا السعر ويحلف. مثلاً الواقع أنه اشتراه بعشرة، ويحلف أنه اشتراها بخمسة عشر، فيصدّقه المشتري ويقول: أنت لك منزلةً عندي، وأريد أن أجعلها لك في القيمة التي اشتريتها - فيكون قد أخذ هذه الزيادة بغير حق؛ لأن المشتري صدّقه في يمينه مع أنه كاذبٌ فيما بينه وبين الله، فيكون قد ارتكب أمرين عظيمين: الحلف كاذباً، وأكل هذا المال بغير حق؛ وبخاصةٍ إذا تكرر منه هذا الشيء واستساغه وصار أمراً عادياً عندها فعليك أن تجتنب هذا الشخص، وألا تأكل من طعامه، ولا تشرب من شرابه. وإذا أهدى إليك لباساً فلا تقبله منه؛ لكن عليك نصيحته.

        ومما يؤسف له أن هذه الظاهرة التي ذكرتها في هذا السؤال موجودة عند كثير من الناس الذين يبيعون في المحلات تأتي إليه ويقول لك: أنا اشتريتها بكذا لا يحلف؛ لأنه إذا حلف يكون جريمة عظيمة ويقول لك: أنا اشتريتها بكذا، وأنت صديق لي سأبيعها لك بما اشتريتها فتصدّقه وتأخذها فيكون قد كذب عليك، وهذه الزيادة لا تكون حلالاً له، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب يمين الحالف على نية المستحلف (3/1274)، رقم(1653).

[2] أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الكفارات، باب من حلف بالله فليرض (1/679)، رقم (2101).