ما معنى هذه القاعدة: "من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على ما دونه لأجزأه" هل يوصف الكل بالوجوب أو قدر الإجزاء منه؟ (من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على مادونه لأجزأه)
- قواعد كلية
- 2022-01-29
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9716) من المرسل السابق، يقول: ما معنى هذه القاعدة: "من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على ما دونه لأجزأه" هل يوصف الكل بالوجوب أو قدر الإجزاء منه؟
الجواب:
المقصود من هذه القاعدة، أن الشخص يوجب على نفسه أو ينفذ ما أوجب الله عليه، وفي حالة التنفيذ يكون قد أتى بما وجب عليه و زيادة، بحيث إنه لو اقتصر على ما دون الزيادة فإن ذلك يبرئ ذمته. وهذه القاعدة باعتبار موارد فروعها في الشريعة ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: أن تكون الزيادة ليست متصلة بالمزيد عليه. فعلى سبيل المثال إذا وجبت عليه كفارة إطعام؛ سواءٌ كفارة يمين، أو كفارة جماع في نهار رمضان، أو كفارة ظهار؛ المقصود أنها وجبت عليه، ومقدارها من جهة الشارع معلوم، لكنه أخرجها مكررة، أخرج ما أوجبه الشارع عليه وأوجب عليه مثله، ففي كفارة الظهار إطعام ستين مسكيناً؛ يعني: تسعون كيلو من البر، أو من الأرز، أو من التمر؛ لكنه أخرج مائة وثمانين كيلو، فأخرج الواجب عليه وزاد عليه مثله، هذه الزيادة هل تأخذ صفة الواجب من ناحية الثواب، ومن ناحية ما لو حصل خللٌ في المزيد عليه وفي الزيادة من جهة عدم الإجزاء، وأراد أن يقضي ما عليه، هل يقضي الواجب فقط أم يقضي الواجب والزيادة؟ والجواب عن هذا أنه إذا حصل خللٌ وأراد أن يقضي فإنه لا يقضي إلا المزيد عليه فقط؛ وأما الزيادة فليست بواجبةٍ عليه؛ لأنها منفصلة عن هذا الواجب. هذا هو القسم الأول وهذه بعض الأمثلة من الفروع.
الصنف الثاني: أن تكون الزيادة ممتزجة؛ كشخصٍ نذر أن يذبح كبشاً عمره ستة أشهر، لكنه عين كبشاً للذبح عمره سنتان، فتبين فيه خلل وأراد أن يأتي ببدله، هل يقال: إن هذه الزيادة لها حكم الواجب أم أنها لا تأخذ حكم الواجب؟ وذلك من ناحية توزيعها ومن ناحية الأجر.
الصنف الثالث: أن تكون الزيادة متصلة من وجه، ومنفصلة من وجه آخر، ومن أمثلة هذا النوع: زيادة الإمام في الركوع عن الواجب؛ يعني: يجب على الإمام في التسبيح أن يسبّح مرةً واحدة، وأدنى الكمال في حقه ثلاث، وأعلاه في حقه عشر، هذا في الركوع. فإذا كبّر للركوع وسبّح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً فهل هذه الزيادة تأخذ حكم المزيد عليه من ناحية الأجر؛ هذا من جهة، ومن ناحية الأثر، ومعنى الأثر: أن الشخص المسبوق إذا دخل المسجد ووجد الإمام راكعاً وقد أدى الإمام المقدار الواجب في الركوع، وشرع في الزيادة، وهذا المأموم أدرك الزيادة ولم يدرك القدر الواجب، هل نقول: إنه أدرك الركوع؟ أم نقول: إنه فاته المقدار الواجب ولم يدرك المقدار المسنون، فلا يكون مدركاً للركعة، فالجواب عن ذلك أن الرسول ﷺ قال: « إذا وجدتمونا ركوعاً فاركعوا ». ولم يميز ﷺ بين من أدرك الركوع في بدايته أو في وسطه أو قبل آخره، بحيث يدرك مع الإمام مقداراً يكون مجزئاً لإدراكه الركوع، فدل ذلك على أن هذا له حكم السنة من جهة الثواب، لكن له حكم الوجوب من جهةٍ أخرى من ناحية الأثر؛ يعني: إدراك المأموم للركعة بإدراك هذا المقدار من الركوع. وبالله التوفيق.