Loader
منذ سنتين

مقارنة بين تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير


  • فتاوى
  • 2021-12-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3446) من المرسل السابق، يقول: أيهما أفضل: تفسير الإمام الطبري، أم تفسير ابن كثير؟

الجواب:

 العلماء الذين عنوا بتفسير القرآن قديماً وحديثاً، كلّ مفسرٍ له اتجاه في خدمته للقرآن، ومن هؤلاء المفسرين: ابن جرير الطبري، وكتابه يعتبر من أحسن كتب التفسير من جهة تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بآثار الصحابة، وتفسير القرآن بآثار التابعين وأتباع التابعين. ومن جهة عنايته بالقراءات، وعنايته باللغة، وعنايته بأسباب النزول، وعنايته بما سينقله عن غيره عن الرسول ﷺ. عن الصحابة، وعن التابعين، وعن أتباع التابعين، يرويه بالأسانيد.

ومن جهة ما تطرّق إليه من المسائل الخلافية، وذكر خلاف العلماء، وبيان بعض أفراده المختلفين في المسألة، وبيان ما اعتمدوا عليه من الأدلة، ثم بعد ذلك يبيّن القول الراجح من القولين، أو من الأقوال التي ذكرها، ويبيّن وجه ترجيحه لهذا القول، ويبيّن وجه الرد على أدلة القول أو القولين أو الأقوال التي صارت مرجوحةً عنده.

ويقول-رحمه الله تعالى-: عجبت لرجلٍ يقرأ القرآن، ولا يعرف تفسيره؛ فهذا مما يدل على عنايته في تفسير القرآن، وإن كان هذا التفسير الذي ذكره هو مختصر مما كان في نفسه؛ لأنه لما أراد تعريفه قال لتلاميذه: أريد أن أضع تفسيراً للقرآن، فسألوه عن تقديره بالورق، فقدّره لهم بثلاثين ألف ورقة، فقالوا: إن هذا يحتاج إلى وقتٍ طويل، ونخشى أن تدركك المنية وأنت لم تفِ به. فعدل عن ذلك إلى هذا الحدِّ الذي وُجد عليه.

وكثيرٌ من الذين لهم معرفة بتفسير القرآن يصفون ابن جرير بأنه إمام المفسرين، ولهذا نجد كثيراً ممن أتى بعده استفاد منه، فعلى سبيل المثال: ابن كثير استفاد منه كثيراً، ولكن ابن كثير أضاف إلى تفسيره جملة من الأحاديث؛ لأن ابن كثير له كتاب اسمه جامع المسانيد والسنن، وقد استفاد من هذا الكتاب من جهة أنه ذكر جملة من الأحاديث في مواضعها من القرآن.

وابن كثير لا يقال: إنه بمنزلة ابن جرير، فابن جرير سابق، وابن كثير مستفيدٌ منه، وتفسير ابن جرير واسعٌ جداً؛ ولكن كما ذكر بالنظر إلى الميزة الموجودة في تفسير ابن كثير وهي عبارة عن الأحاديث التي اختارها من كتابه جامع المسانيد والسنن، وضمها إلى تفسيره في مواضعها من القرآن.

وقد استفاد الشوكاني من تفسير ابن جرير، ولخّص منه كثيراً من الأحاديث والآثار؛ ولكنه قد يحذف أسانيدها، وقد يذكر الأسانيد حسب ما يقتضيه المقام عنده، وهناك تفاسير لها عناية في أحكام القرآن، وفي بلاغة القرآن، وفي إعراب القرآن، وفي مفردات القرآن؛ إلى غير ذلك من الأمور التي اعتنى بها العلماء. والمقام -هنا- لا يتسع إلى الاسترسال في هذا الموضوع؛ لأن السؤال هو عبارة عن الموازنة بين تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير. وبالله التوفيق.