هل يأثم العوام إن لم يعرفوا بعض الأمور الدقيقة في مسائل العقيدة؛ مثل: نزول الرب -تبارك وتعالى-
- توحيد الأسماء والصفات
- 2021-08-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7438) من المرسل السابق، يقول: هل يأثم العوام إن لم يعرفوا بعض الأمور الدقيقة في مسائل العقيدة؛ مثل: نزول الرب -تبارك وتعالى-، وبعض الأمور التي لم تظهر إلا بعد زوال عهد النبوة؟
الجواب:
جاء رجلٌ إلى الإمام مالك فسأله عن الاستواء: كيف استوى؟ فقال مالك -رحمه الله-: الاستواء معلومٌ، والكيف مجهولٌ، والإيمان به واجبٌ، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلا رجلاً مبتدعاً، فأمر بإخراجه -رحمه الله-. والإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: "آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسل الله وما جاء عن رسل الله على مراد رسل الله".
فالعاميُ ليس مؤهلاً للدخول في هذه الأمور حتى العلماء. وذلك أن المتشابه في الشريعة على قسمين:
القسم الأول: المتشابه الحقيقي وهو الذي استأثر الله -جل وعلا- بعلمه؛ كعلمه بذاته وأسمائه، وحقائق أسمائه وحقائق صفاته؛ وكذلك ما أخبر عنه في اليوم الآخر على حقيقته وواقعه، فهذا من الأمور الغيبية التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها.
وأما المتشابه الإضافي وهو القسم الثاني: فهذا هو الذي يعرفه أهل العلم وذلك كالآيات التي يُتوهم منها التعارض في القرآن، ففي مثل قوله -تعالى-: "فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ"[1] فهذه الآية فيها نفي السؤال عن الناس سواءٌ كانوا من الإنس أو كانوا من الجن، وقال
-جل وعلا-: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ"[2]، وقال -جل وعلا-: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)"[3].
وجاء -أيضاً- أن الله سبحانه وتعالى يسأل الرسل هل بلغوا أممهم؟ فيقولون: نعم، فيسأل الأمم هل بلغتهم الرسل؟ فيقولون: "مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ"[4] فيطلب الله من الرسل شهادةً تشهد لهم على أنهم بلغوا أممهم، فتشهد هذه الأمة على أن كل رسولٍ بلغ أمته، ثم يشهد الرسول ﷺ على شهادة هذه الأمة، وفي هذا يقول الله -جل وعلا-:"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"[5]، ففي بعض المواقف في القيامة لا يقع سؤالٌ، وعلى هذا يُنزل قوله -جل وعلا-:"فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ"[6]، وفي بعض مواقف القيامة يسألون، وعلى هذا تنزل الآيات المثبتة للسؤال.
وكذلك الجمع بين الآيات التي يظهر بينها التعارض في بادئ الأمر كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والظاهر والتأويل، إلى غير ذلك من المواضع التي يُقال: إنها من المتشابه الإضافي، وقد وكل الله -جل وعلا- بيانها إلى أهل العلم؛ أما المتشابه الحقيقي فهذا هو ما استأثر الله -جل وعلا- بعلمه. وبالله التوفيق.