ما رأيكم بمن يقوم بعمل صالح لم يفعله الرسول ﷺ هل يعتبر من البدع؟ وما ضابط البدعة؟
- توحيد الألوهية
- 2022-02-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11263) من المرسل ع. ع. غ من اليمن، يقول: ما رأيكم بمن يقوم بعمل صالح لكن هذا العمل لم يفعله الرسول ﷺ، فهل يعتبر هذا من البدع؟ وما ضابط البدعة؟
الجواب:
يقول الرسول ﷺ: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات... »، ويقول: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».
ومن المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- أكمل هذه الشريعة فقال -جلّ وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[1].
فهذه الشريعة كاملة فيما يحتاج إليه الخلق في أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم.
والشريعة منقسمة إلى قسمين:
أما القسم الأول: ما كان الأصل التعبد، وهذا توقيفي من جهة أصله وكيفيته وزمانه ومكانه، فلا يزاد فيه ولا ينقص، وعندما تطرأ أسباب يترخص فيها الإنسان بالرخص فهذا مبناه على ما ورد في القرآن والسنة في ذلك.
وعلى هذا الأساس: فهذا السائل إذا كان يزيد عبادة؛ مثل: يزيد وقت يزيد صلاة من الصلوات، فبدلاً من أن تكون الفرائض خمساً يجعلها ستاً، فهذا لا شك أنه من البدع.
أما بالنظر إلى أن الشخص يأتي بالتطوع من ناحية الكثرة، أو من ناحية الكيفية؛ لكن أصل هذه الكيفية موجود في الشريعة، فهذا ليس من البدع.
مثال ذلك: الإنسان الذي يقرأ القرآن ويختمه في يوم أو يومين أو في ثلاثة أيام، فقد كان الإمام الشافعي -رحمه الله- يختم القرآن في رمضان في الليل مرة وفي النهار مرة. والبخاري -رحمه الله- كان يختم القرآن في رمضان في الليل مرة. وختم القرآن من ناحية الكثرة السلف -رضوان الله عليهم- نقل عنهم الشيء الكثير من هذا؛ وهكذا بالنظر إذا تطوع الإنسان في الصيام؛ لكن عندما يزيد في التطوع زيادة غير مشروعة؛ كالشخص الذي نذر أن يصوم قائماً في حر الشمس، فهذا لا يجوز له أن يفعل ذلك؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- غني عن خلقه، فلا يقصد الإنسان أن يشق على نفسه من أجل أن يحصل على الأجر؛ لأن المشاق من ناحية العبادات، من ناحية الأعمال عموماً. كلّ عمل له مشقة تناسبه، ومراتب المشقة في هذه الشريعة متفاوتة.
وأما القسم الثاني: باب المعاملات فالأصل فيه هو الجواز، فلا يحرم شيء إلا ما دل عليه الدليل: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[2] إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تقرير هذه القاعدة.
وبناء على ذلك كله: أن القاعدة في باب ما كان الأصل فيه التعبد التوقيف، وأن ما كان الأصل فيه التعليل الجواز، فلا يقال: إن هذه عبادة مشروعة إلا بدليل. ولا يقال: إن هذه معاملة ممنوعة إلا بدليل. وعلى المسلم أن يبحث عن هدي الرسول ﷺ فكما سبق في بداية الجواب عليكم بسنتي، فيبحث الشخص عن هدي الرسول ويأخذ به. وبالله التوفيق.