Loader
منذ 3 سنوات

هل الأفضل قراءة القرآن بدون فهم، أو قراءة التفسير


الفتوى رقم (5884) من المرسلة السابقة، تقول: أقرأ القرآن دائماً ولله الحمد، وأحاول أن أختم القرآن في كلّ شهر بمعدل جزء في اليوم؛ لكن ربما تمر شهور لا أستطيع ذلك، وأحياناً أمر بآيات لا أعرف تفسيرها ولا أعي معناها ولا سبب نزولها، هل الأولى بي أن أقرآ القرآن؟ أم أن أعمد إلى التفسير أولاً لأعي معاني الآيات؟

 

الجواب:

        الله سبحانه وتعالى شرع تدبر القرآن، فقال -تعالى-: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ"[1]، "أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ"[2]؛ يعني: جاءت أدلة تدل على مشروعية التدبر. وتفسير القرآن على أربعة أوجه:

        الوجه الأول: تفسير للقرآن من جهة معرفة مفرداته اللغوية، وهذا يمكن إذا أشكلت المسألة على الشخص يمكن أن يرجع إلى معجمٍ من معاجم اللغة.

        والوجه الثاني: من التفسير وهو كثير جداً في القرآن وأكثر الناس يعرفه؛ مثل: (أقيموا الصلاة، ولا تقربوا الزنا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، إلى غير ذلك من الآيات التي إذا سمعها الشخص فهم معناها العام، أما التفاصيل فأمر آخر.

        الوجه الثالث: استأثر الله -جلّ وعلا- بعلمه كما يتعلق بذاته وصفاته، تأويل ذلك، وكذلك ما أخبر الله به من الأمور الغيبية، هذه يؤمن بها الإنسان على مراد الله -جلّ وعلا-، كما قال الإمام الشافعي
قال: « آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسل الله وما جاء عن رسل الله على مراد رسل الله ».

        والوجه الرابع: هذا مختص بأهل العلم، وذلك أن بعض الآيات تحتاج إلى شيءٍ من البيان؛ إما من جهة القرآن، أو من جهة السنة، ومن ذلك قوله تعالى: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ"[3] وفي موضعٍ آخر قال: "فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ"[4]، وجاءت أدلة تدل على أن الله لا يكلم الكفار ولا يزكيهم، ففي بعض المواضع ورد إثبات السؤال، وفي بعضها ورد نفي السؤال، فأهل العلم قالوا: إن السؤال المثبت: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ"[5] بالنسبة للكفار مثلاً هذا سؤال تقريعٌ وتوبيخٍ لهم، وقوله -تعالى-: "فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ"[6] هذا يكون فيه بالنسبة للكفار لا يسألون سؤال تكريمٍ لهم فيكون السؤال المثبت غير السؤال المنفي، أو أنهم يسألون في بعض مواقف القيامة وفي بعض مواقعها لا يسألون. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (82) من سورة النساء.

[2] من الآية (68) من سورة المؤمنون.

[3] الآية (6) من سورة الأعراف.

[4] الآية (39) من سورة الرحمن.

[5] الآية (6) من سورة الأعراف.

[6] الآية (39) من سورة الرحمن.